قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (٣٧) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ
____________________________________
اللفظ ـ الجناس ـ حيث تقدم لفظ «التأويل» بالنسبة إلى الرؤيا ، وقد كان عيسى عليهالسلام كذلك كما قال : (وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ) (١).
(قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما) التأويل (ذلِكُما) أي ذلك التأويل للأشياء الغائبة عن الحواس ، و «كما» خطاب ، أي أن التأويل أيها الفتيان (مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي) ومن هذا الباب تطرق إلى ذكر الرب ، ليتسنى له الشرح حوله (إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) أي رفضت فراعنة مصر الذين يتخذون الأصنام آلهة ، أي أني تركت هذه الملة. وليس معنى «تركت» كونه عليهالسلام فيها ، ثم تركها ، بل معناه : عدم قبولها ورفضها من الابتداء ، فإن الفعل يستعمل في المعنيين (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) فلا يؤمنون بمبدإ ولا معاد ، وحيث تركت تلك الملة ألهمني الله الغيب وتأويل الرؤيا.
[٣٩] (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي) و «الملة» هي الطريقة الدينية ، يقال : «ملة اليهود» و «ملة النصارى» ولا يقال : ملة العطارين (إِبْراهِيمَ) جد أبيه (وَإِسْحاقَ) جده (وَيَعْقُوبَ) أبيه ، وبذلك بيّن عليهالسلام أنه من بيت النبوة والطهارة حتى يكون كلامه مسموعا لديهم. فقد جرت عادة الناس أن يسمعوا من ذوي البيوتات والشرف أصحاب الحسب
__________________
(١) آل عمران : ٥٠.