ما كانَ لَنا أَنْ نُشْرِكَ بِاللهِ مِنْ شَيْءٍ ذلِكَ مِنْ فَضْلِ اللهِ عَلَيْنا وَعَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (٣٨) يا صاحِبَيِ السِّجْنِ
____________________________________
والنسب ، وكان إبراهيم عليهالسلام مشهود لدى الجميع ، ولعل إسحاق ويعقوب كان كذلك (ما كانَ لَنا) أي لا يجوز لنا معاشر الأنبياء ، أو المراد عموم البشر ، أي لا يحق للبشر (أَنْ نُشْرِكَ بِاللهِ مِنْ شَيْءٍ) غيره باتخاذ الأصنام آلهة ، وكيف يجوز للبشر أن يكفر بخالقه ويجعل له أندادا؟ (ذلِكَ) التمسك بالتوحيد والبراءة من الشرك (مِنْ فَضْلِ اللهِ عَلَيْنا) حيث هدانا إلى ذلك وأوحى إلينا به (وَعَلَى النَّاسِ) حيث هداهم بسبب الفطرة والأنبياء. ولعل سبب ذكر «علينا» مستقلا ، لاختصاصهم بالنبوة والوحي (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) هذه النعمة العظيمة ، وهي نعمة الهداية ، بل يكفرون بها باتخاذ الأصنام آلهة.
[٤٠] وبعد ما بيّن عليهالسلام طريقته وملته ، وذكر أنه من بيت رفيع وأنه يعلم بعض أمور الغيب بتعليم الله له حتى يطمئن إليه ، أخذ في الاستدلال على التوحيد ، وقد كان الموقع مناسبا جدا للتبليغ ، فإن المستمع حيث ينتظر جوابه يصغي جيدا ، بخلاف ما لو أجابهم عن تأويل رؤياهم ثم بيّن التوحيد ، وحيث قدم له مقدمة صار الموقع أنسب ، لأنه بين ماض مشوّق ومستقبل متقرب ، فالنفس متفتحة للاستماع والقبول (يا صاحِبَيِ السِّجْنِ) أي يا صاحبي فيه ، فإن الشيء قد يضاف إلى الزمان والمكان مجازا ، كما قال الشاعر :
يا سارق الليلة أهل الدار |
|
يا سارقا مالي ومال جاري |