إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٤٠) يا صاحِبَيِ السِّجْنِ
____________________________________
(إِنِ الْحُكْمُ) ليس الحكم والأمر والنهي (إِلَّا لِلَّهِ) فكيف يعبد سواه؟ إذ العبادة خاصة بمن له الحكم والأمر والنهي ، لأن العبادة خضوع ، والخضوع لا يليق إلا أمام الحاكم الآمر والناهي ، وقد (أَمَرَ) سبحانه (أَلَّا تَعْبُدُوا) أحدا (إِلَّا إِيَّاهُ) وحده لا شريك له.
ولعل «إن الحكم» و «أمر» إشارة إلى مرتبتين من التوحيد. فقد قالوا إن التوحيد على أربعة أقسام : توحيد الذات ، بأن يعتقد الإنسان أن الإله واحد لا شريك له ، وتوحيد الصفات ، بأن يعتقد الإنسان أن صفات الله عين ذاته لا تعدّد فيها ولا مغايرة ، وتوحيد الخلق ، بأن يعتقد الإنسان أن جميع الخلق إنما هو منه وحده لا يشاركه فيه أحد ، وتوحيد العبادة ، بأن لا يعبد الإنسان أحدا إلا إياه.
(ذلِكَ) التوحيد (الدِّينُ الْقَيِّمُ) أي الطريقة المستقيمة ، فإن «الدين» بمعنى الطريقة ، و «القيم» بمعنى المستقيم ، مشتق من «قام» ، لا اعوجاج فيه ولا انحراف (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) إن هذا هو الدين القيم ، وإن سواه معوج منحرف.
[٤٢] وإذ أتم يوسف عليهالسلام الإرشاد والتبليغ ، شرع في جواب سؤال صاحبيه من الرؤيا ، فقال : (يا صاحِبَيِ السِّجْنِ) أصله «صاحبين» حذفت النون لإضافته إلى السجن ، كما هو القاعدة ، قال ابن مالك :
نونا تلي الإعراب أو تنوينا |
|
مما تضف أحذف كطور سينا |