يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ
____________________________________
للمسلمين عن تحريم ما أحلّ الله ، كما ينهى عن الإسراف والاعتداء ، فإن كلا الطرفين منهي عنه مذموم (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) أي لا تجعلوها بمنزلة المحرمات فتجتنبوا عنها اجتنابكم عن المحرمات ولفظة «ما» موصولة ، أي طيبات الأشياء التي أحلها الله لكم ، ولعلّ الإتيان بها لإفادة العموم ، إذ لو قال : «طيبات أحل الله لكم» كان المتبادر منه طيبات خاصة ، وليست إضافة طيبات إلى «ما» تفيد التقييد ، بل هو من باب «قطيفة خز».
وقد نزلت هذه الآية في الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام وبلال وعثمان ابن مظعون ، فأما علي عليهالسلام فإنه حلف أن لا ينام بالليل أبدا إلا ما شاء الله ، وأما بلال فإنه حلف أن لا يفطر بالنهار أبدا ، وأما عثمان بن مظعون فإنه حلف أن لا ينكح أبدا ـ كل ذلك بقصد الامتناع عن شهوات الدنيا رجاء ثواب الله ـ فدخلت امرأة عثمان على عائشة وكانت امرأة جميلة فقالت عائشة : ما لي أراك متعطلة؟ فقالت : ولمن أتزيّن ، فو الله ما قربني زوجي منذ كذا وكذا فإنه قد ترهّب ولبس المسوح وزهد في الدنيا. فلما دخل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أخبرته عائشة ، فخرج فنادى الصلاة جامعة ، فاجتمع الناس فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ما بال أقوام يحرمون على أنفسهم الطيبات؟! إني أنام بالليل وأنكح وأفطر بالنهار فمن رغب عن سنتي فليس مني ، فقام هؤلاء فقالوا : يا رسول الله فقد حلفنا على ذلك ، فأنزل الله : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) (١) (٢) ، ولا يخفى أن مثل ذلك لا يضر مقام عصمة الإمام لأنه :
أولا : قيّد ب «إلا ما شاء الله».
__________________
(١) البقرة : ٢٢٦.
(٢) وسائل الشيعة : ج ٢٣ ص ٢٤٣.