قوله جل ذكره : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (١٧٧))
(١) والإشارة أن الظواهر ليس لها كثير اعتبار إنما الخبر عن الله عزيز.
وكثرة الأوراد ـ وإن جلّت ـ فحرفة العجائز ، وإخلاص الطاعات ـ وإن عزّ ـ فصفة العوام ، ووصل الليل بالنهار فى وظائف كثيرة ومجاهدات غزيرة عظيم الخطر فى استحقاق الثواب ، ولكنّ معرفة الحق عزيزة.
وما ذكر فى هذه الآية من فنون الإحسان ، ووجوه قضايا الإيمان ، وإيتاء المال ، وتصفية الأعمال ، وصلة الرحم ، والتمسك بفنون الذّمم والعصم ، والوفاء بالعهود ، ومراعاة الحدود ـ عظيم الأثر ، كثير الخطر ، محبوب الحق شرعا ، ومطلوبه أمرا لكنّ قيام الحق عنك بعد فنائك ، وامتحانك من شاهدك ، واستهلاكك فى وجود القدم ، وتعطل رسومك عن مساكنات إحساسك ـ أتمّ وأعلى فى المعنى ؛ لأن التوحيد لا يبقى رسما ولا أثرا ، ولا يغادر غيرا ولا غبرا (٢)
__________________
(١) اخطأ الناسخ فكتها (وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة).
(٢) الغير السوي أما (الغبر) فمعروف.