ويقال لم ينفقوا على إشارات الهوى. وإنّ ما طالعوه تفاصيل الأمر وإشارات الشرع والواو فى هذه الآية فى قوله : (وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى) تشير إلى نوع من الترتيب ؛ فالأولى بمعروفك والداك ثم أقاربك ثم على الترتيب الذي قاله.
قوله جل ذكره : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٢١٦))
صعبت على النفوس مباشرة القتال ، فبيّن أن راحات النفوس مؤجلة لأنها فى حكم التأديب ، وبالعكس من هذا راحات القلوب فإنها معجلة إذ هى فى وصف التقريب ، فالسادة فى مخالفة النفوس ؛ فمن وافقها حاد عن المحبة المثلى ، كما أن السعادة فى موافقة القلوب فمن خالفها زاغ عن السنّة العليا.
وبشرى ضمان الحق باليسر أولى أن تقبل من محذرات هواجس النفوس فى حلول العسر وحصول الضر.
قوله جل ذكره : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ (٢١٧))
من المعاصي ما يكون أشد من غيره وأصعب فى المعنى ، فسوء الأدب على الباب لا يوجب ما يوجبه على البساط ؛ فإذا حصلت الزلة بالنّفس فأثرها بالعقوبة المؤجلة وهى الاحتراق ، وإذا زلّ (١) القلب فالعقوبة معجلة وهى بالفراق ، وأثر الغفلة على القلوب أعظم من ضرر الزلة
__________________
(١) وردت (زال) وهى قطعا خطأ فى النسخ.