يعنى إن أرادت المرأة أن تتخلص من زوجها فلا جناح عليها فيما تبذل من مال ، فإنّ النفس تساوى لصاحبها كل شىء ، والرجل إذا فاتته صحبة المرأة فلو اعتاض عنها شيئا فلا أقلّ من ذلك ، حتى إذا فاتته راحة الحال يصل إلى يده شىء من المال.
قوله جل ذكره : (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ).
هذه آداب يعلّمكمها الله ويسنّها لكم ، فحافظوا على حدوده ، وداوموا على معرفة حقوقه.
قوله جل ذكره : (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ)
الرجل يشقّ عليه أن ينكح زوجته غيره فمنعه عن اختيار الفراق بغاية الفراق بغية المنع (١) لما بيّن أنها لا تحل له إن فارقها إلا بأن تفعل (٢) غاية ما يشق عليه وهو الزواج الثاني ليحذر الطلاق ما أمكنه. ثم قال (فَإِنْ طَلَّقَها) يعنى الزوج (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا) يعنى تتزوج بالزوج الأول.
والإشارة فيه أن استيلاء المحبة على القلب يهوّن مقاساة كلّ شديدة ؛ فلو انطوى الزوجان بعد الفرقة على التحسّر على ما فاتهما من الوصلة ، وندما على ذلك غاية الندامة فلا جناح عليهما أن يتراجعا ، والمرأة فى هذه الحالة كأنها (...) (٣) من الزوج الأول بمكان الزوج الثاني والزوج كالآتى على نفسه فى احتمال ذلك.
ثم قال جل ذكره : (إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ ، وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ).
يعنى لا يعودان بعد ذلك إلى الفراق ثانيا إذا علما حاجة أحدهما إلى صاحبه ، قال قائلهم :
ولقد حلفت لئن لقيتك مرة |
|
ألا أعود إلى فراقك ثانية |
__________________
(١) وردت (بغاية المنع) والأرجح أنها (بغية المنع) فإن السياق يتطلب ذلك.
(٢) وردت (يفعل) والأصوب أن تعود على المرأة لأنها هى التي ستتزوج ثانية وهذا هو ما يشق على الزوج الأول.
(٣) هنا كلمة رسمها هكذا (الميشور) وربما كانت (المبتور).