ويقال هذا خطاب الحق معه ليلة المعراج على جهة تعظيم القدر فقال «آمن الرسول» ، ولم يقل آمنت ، كما تقول لعظيم الشأن من الناس : قال الشيخ ، وأنت تريد قلت.
ويقال آمن الرسول والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ، ولكن شتان بين إيمان وإيمان ، الكلّ آمنوا استدلالا ، وأنت يا محمد آمنت وصالا.
قوله جل ذكره : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها)
لكمال رحمته بهم وقفهم على حد وسعهم ودون ذلك بكثير ، كل ذلك رفق منه وفضل.
(لَها ما كَسَبَتْ)
من الخيرات.
(وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ)
ما تكسبه من التوبة التي تنجّى من كسب (١).
قوله جل ذكره : (رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا ، رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ)
كان إذا وقعت حاجة كلّموه بلسان الواسطة. قالوا (يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ) وهذه الأمة قال لهم : (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ).
وكانت الأمم (السالفة) (٢) إذا أذنبوا احتاجوا إلى مضى مدة لقبول التوبة ، وفى هذه الأمة قال صلىاللهعليهوسلم : «الندم توبة».
وكانت الأمم السالفة منهم من قال اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ، وهذه الأمة اختصت بإشراق أنوار توحيدهم ، وخصائصهم أكثر من أن يأتى عليه الشرح.
__________________
(١) قد يبدو للوهلة الأولى ان القشيري فى استخراج إشارته من (لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) يتجه اتجاها مخالفا للتفسير التقليدى ، ولكن الواقع ان إشارة القشيري مرتبطة بمذهبه فى أن الله خالق كل شىء حتى أفعال العباد ، فهو خالق التوبة وحين يتقبلها تعود (على) العبد ، انظر مثلا تفسيره (ويتوب عليكم) من سورة النساء .. من هذا الكتاب).
(٢) (السالفة) موجودة فى الهوامش فأثبتناها فى موضعها من المتن.