المغضوب عليهم الذين صدمتهم هواجم الخذلان (١) ، وأدركتهم مصائب الحرمان ، وركبتهم سطوة الرد ، وغلبتهم بواده الصد والطرد.
ويقال هم الذين لحقهم ذل الهوان ، وأصابهم (٢) سوء الخسران ، فشغلوا فى الحال باجتلاب الحظوظ ـ وهو فى التحقيق (شقاء) ؛ إذ يحسبون أنهم على شىء ، وللحق فى شقائهم سر.
ويقال هم الذين أنسوا بنفحات التقريب زمانا ثم أظهر الحق سبحانه فى بابهم شانا ؛ بدّلوا بالوصول بعادا ، وطمعوا فى القرب فلم يجدوا مرادا ، أولئك الذين ضلّ سعيهم ، وخاب ظنهم.
ويقال غير المغضوب عليهم بنسيان التوفيق ، والتعامي عن رؤية التأييد. ولا الضالين عن شهود سابق الاختيار ، وجريان التصاريف والأقدار.
ويقال غير المغضوب عليهم بتضييعهم آداب الخدمة ، وتقصيرهم فى أداء شروط الطاعة.
ويقال غير المغضوب عليهم هم الذين تقطعوا فى مفاوز الغيبة ، وتفرّقت بهم الهموم في أودية وجوه الحسبان.
[فصل] ويقول العبد عند قراءة هذه السورة آمين ، والتأمين سنّة ، ومعناه يا رب افعل واستجب ، وكأنه يستدعى بهذه القالة التوفيق للأعمال ، والتحقيق للآمال ، وتحط رجله بساحات الافتقار ، ويناجى حضرة الكرم بلسان الابتهال ، ويتوسل (بتبريه) (٣) عن الحول والطاقة والمنّة والاستطاعة إلى حضرة الجود. وإن أقوى وسيلة للفقير تعلقه بدوام الاستعانة لتحققه بصدق الاستغاثة.
السورة التي تذكر فيها البقرة قوله تعالى :
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الاسم مشتق من السمو والسّمة ، فسبيل من يذكر هذا الاسم أن يتسم بظاهره بأنواع المجاهدات ، ويسمو بهمته إلى محالّ المشاهدات. فمن عدم سمة المعاملات على ظاهرة ، وفقد
__________________
(١) يقول القشيري في الرسالة (ومنهم من تغيرهم البواده وتصرفه الهواجم ، ومنهم من يكون فوق ما يفجؤه حالا ووقتا .. أولئك هم سادات الوقت) ص ٤٤.
(٢) وردت (أحبابهم).
(٣) وردت (ببريته) والصواب (بتبريه).