بالمكان ؛ فإن سائر الحروف لها محل من الحلق أو الشفة (١) أو اللسان إلى غيره من المدارج (٢) غير الألف فإنها هويته ، لا تضاف إلى محل.
ويقال الإشارة منها إلى انفراد العبد لله سبحانه وتعالى فيكون كالألف لا يتصل بحرف ، ولا يزول عن حالة الاستقامة والانتصاب بين يديه.
ويقال يطالب العبد فى سره عند مخاطبته بالألف بانفراد القلب إلى الله تعالى ، وعند مخاطبته باللام بلين جانبه فى (مراعاة) حقه ، وعند سماع الميم بموافقة أمره فيما يكلفه.
ويقال اختص كل حرف بصيغة مخصوصة وانفردت الألف باستواء القامة ، والتميز عن الاتصال بشىء من أضرابها من الحروف ، فجعل لها صدر الكتاب إشارة إلى أن من تجرّد عن الاتصال بالأمثال والأشغال حظى بالرتبة العليا ، وفاز بالدرجة القصوى ، وصلح للتخاطب بالحروف المنفردة التي هى غير مركبة ، على سنة الأحباب فى ستر الحال ، وإخفاء الأمر على الأجنبى من القصة ـ قال شاعرهم :
قلت لها قفى لنا قالت قاف |
|
لا تحسبى أنّا نسينا لا يخاف |
ولم يقل وقفت سترا على الرقيب ولم يقل لا أقف مراعاة لقلب الحبيب بل : «قالت قاف».
ويقال تكثر العبارات (٣) للعموم والرموز والإشارات للخصوص ، أسمع موسى كلامه فى ألف موطن ، وقال لنبيّنا محمد صلىاللهعليهوسلم : ألف ... وقال عليهالسلام : أوتيت جوامع الكلم (٤) فاختصر لى الكلام اختصارا» وقال بعضهم : قال لى مولاى : ما هذا الدنف؟
قلت : تهوانى؟ قال : لام الف
قوله جل ذكره : (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ)
__________________
(١) وردت فى ص (الشفق) وهى خطأ من الناسخ.
(٢) معناها المخارج ـ كما جاء فى الهامش.
(٣) وردت فى ص (العبادات) والأصح بالراء لأن القشيري فى مواضع كثيرة يقابل بين العبارة والإشارة.
(٤) وردت فى ص (القلم) وهى خطأ من الناسخ. وسيأتى تخريج الحديث فى هامش قريب.