لا يهتدى قلبى إلى غيركم |
|
لأنه سدّ عليه الطريق |
ويقال العلماء هم الذين وجدوا قلوبهم ، قال تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ).
والعارفون هم الذين فقدوا قلوبهم.
قوله جل ذكره : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢٥))
احذروا أن ترتكبوا زلّة توجب لكم عقوبة لا تخص مرتكبها ، بل يعمّ شؤمها من تعاطاها ومن لم يتعاطها.
وغير المجرم لا يؤخذ بجرم من أذنب ، ولكن قد ينفرد أحد بجرم فيحمل أقوام من المختصين بفاعل هذا الجرم ، كأن يتعصبوا له إذا أخذ بحكم ذلك الجرم فبعد أن لم يكونوا ظالمين يصيرون ظالمين بمعاونتهم وتعصبهم لهذا الظالم ؛ فتكون فتنة لا تختص بمن كان ظالما فى الحال بل إنها تصيب أيضا ظالما فى المستقبل بسبب تعصبه لهذا الظالم ومطابقته معه ، ورضاه به ، وهذا معنى التفسير من حيث الظاهر. فأمّا من جهة الإشارة : فإن العبد إذا باشر رلّة بنفسه عادت إلى القلب منها الفتنة وهى العقوبة المعجلة ، وتصيب النّفس منها العقوبة المؤجلة ، والقلب إذا حصلت منه فتنة الزلة ـ عند ما يهم بما لا يجوز ـ تعدّت فتنته إلى السّر وهى الحجبة.
والمقدّم فى شأنه إذا فعل ما لا يجوز انقطعت البركات التي كانت تتعدى منه إلى متّبعيه وتلامذته ، وكان لهم نصيبهم من الفتنة وهم لم يعلموا ذنبا. ويقال إن الأكابر إذا سكتوا عن التنكير على الأصاغر عند تركهم الأذكار أصابتهم فتنة ما فعلوه ؛ فلقد قيل إنّ السفيه (١) إذا لم ينه مأمور. فعلى هذا تصيب فتنة الزّلة مرتكبها ومن ترك النّهى عن المنكر ـ مثل من ترك الأمر بالمعروف ـ يؤخذ بجرمه. (٢)
__________________
(١) وردت (السفينة) وهى خطأ فى النسخ.
(٢) وردت هذه العبارة حافلة بالكثير من الأخطاء التي سببت فى غموض المعنى فقومناها حسبما يقتضى السياق ـ دون أن يكون اقتحامنا خطيرا على النص.