وإدامة الحمد على جميل تلك النّعم ، فمهّد لهم فى ظل أبوابه مقيلا ، ولم يجعل للعدوّ إليهم ـ بيمن رعايته ـ سبيلا.
قوله جل ذكره : (وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
رزق الأشباح والظواهر من طيبات الغذاء ، ورزق الأرواح والسرائر من صنوف الضياء. وحقيقة الشكر على هذه النعم الغيبة عنها بالاستغراق فى شهود المنعم.
قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٧))
الخيانة الاستبطان بخلاف ما يؤمّل منك بحق التعويل ، فخيانة الله بتضييع ما ائتمنك عليه ، وذلك بمخالفة النّصح فى دينه ، وخيانة الرسول بالاتصاف بمخالفة ما تبدى من مشايعته.
والخيانة فى الأمانات بترك الإنصاف ، والاتصاف بغير الصدق.
وخيانة كل أحد على حسب ما وضع عنده من الأمانة ، فمن اؤتمن فى مال فتصرّف فيه بغير إذن صاحبه ـ خيانة ، ومن اؤتمن على الحرم فملاحظته إياهن ـ خيانة. فعلى هذا : الخيانة فى الأعمال الدعوى فيها بأنها من قبلك دون التحقيق بأنّ منشئها الله.
والخيانة فى الأحوال ملاحظتك لها دون غيبتك عن شهودها باستغراقك فى شهود الحق ، إن لم يكن استهلاكك فى وجود الحق. وإذا أخللت بسنّة من السّنن أو أدب من آداب الشّرع فتلك خيانة الرسول صلىاللهعليهوسلم.
والخيانة فى الأمانات ـ بينك وبين الخلق ـ تكون بإيثار نصيب نفسك على نصيب المسلمين ، بإرادة القلب فضلا عن المعاملة بالفعل.
قوله جل ذكره : (وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٨))