الغنيمة ما أخذه المؤمنون من أموال الكفار إذا ظفروا عند المجاهدة والقتال معهم. فإذا لم يكن قتال ـ أو ما فى معناه ـ فهو فىء.
والجهاد قسمان : جهاد الظاهر مع الكفار ، وجهاد الباطن مع النّفس والشيطان وهو الجهاد الأكبر ـ كما فى الخبر (١)
وكما أن فى الجهاد الأصغر غنيمة عند الظّفر ، ففى الجهاد الأكبر غنيمة ، وهو أن يملك العبد نفسه التي كانت فى يد العدو : الهوى والشيطان. فبعد ما كانت ظواهره مقرّا للأعمال الذميمة ، وباطنه مستقرا للأحوال الدّنيّة يصير محلّ الهوى مسكن الرّضا ، ومقرّ الشهوات والمني مسلّما لما يرد عليه من مطالبات المولى وتصير النّفس مستلبة من أسر (٢) الشهوات ، والقلب مختطفا من وصف الغفلات ، والرّوح منتزعة من أيدى العلاقات ، والسّرّ مصونا عن الملاحظات. وتصبح غاغة النّفس منهزمة ، ورياسة الحقوق بالاستجابة لله خافقة.
وكما أن من جملة الغنيمة سهما لله وللرسول ، وهو الخمس فمما هو غنيمة ـ على لسان الإشارة ـ سهم خالص لله ؛ وهو ما لا يكون للعبد فيه نصيب ، لا من كرائم العقبى ، ولا من ثمرات التقريب ، ولا من خصائص الإقبال ، فيكون العبد عند ذلك محرّرا عن رقّ كل نصيب ، خالصا لله بالله ، يمحو ما سوى الله ، كما قيل :
من لم يكن بك فانيا عن حظّه |
|
وعن الهوى والإنس والأحباب |
فكأنه ـ بين المراتب ـ واقف |
|
لمنال حظّ أو لحسن ثواب |
قوله جل ذكره : (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لاخْتَلَفْتُمْ
__________________
(١) إشارة إلى ما قاله الرسول بعد إحدى الغزوات : «رجعنا من الجهاد الأصغر الى الجهاد الأكبر جهاد النفس».
(٢) وردت (أسرار) وهى خطأ في النسخ.