وما أسنى هذه الفضيلة ـ إذ لم يرد فى شىء من القرآن هذه المقاسمة التى رويت فى الفاتحة بين الله تعالى وبين العبد.
أخبرنا عبد القاهر بن طاهر البغدادىّ ، أخبرنا محمد بن جعفر بن مطر ، حدّثنا إبراهيم بن علىّ الذّهلىّ ، أخبرنا يحيى بن يحيى ، أخبرنا هشيم ، عن أبى بشر ، عن أبى المتوكّل ، عن أبى سعيد الخدرىّ :
أنّ ناسا من أصحاب رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كانوا فى سفر فمرّوا بحىّ من أحياء العرب ، فاستضافوهم فلم يضيفوهم ، فقيل لهم : هل فيكم راق؟ فإن سيّد الحىّ لديغ ـ أو مصاب؟ (١) فقال رجل منهم : نعم. فأتاه فرقاه بفاتحة الكتاب ، فبرأ الرجل ، فأعطى قطيعا من غنم ، فأبى أن يقبلها ، وقال : حتى أذكر ذلك لرسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فأتى النبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فذكر ذلك له ، فقال : يا رسول الله : والله ما رقيت إلّا بفاتحة الكتاب ، فتبسّم ، وقال «ما يدريك أنّها : رقية»؟ ثم قال : «خذوا منهم واضربوا لى بسهم معكم». رواه مسلم عن يحيى بن يحيى ؛ ورواه البخارىّ (٢) عن أبى النّعمان (٣) ، عن أبى عوانة ، عن أبى بشر.
أخبرنا أبو عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن جعفر ، أخبرنا أبو علىّ بن أحمد الفقيه ، أخبرنا حسين بن محمد بن مصعب ، أخبرنا يحيى بن حكيم ، حدّثنا ابن أبى عدىّ ، عن هشام بن حسّان ، عن محمد بن سيرين ، عن أخيه معبد بن سيرين ، عن أبى سعيد الخدرىّ ، قال :
نزلنا منزلا ، فجاءتنا جارية ، فقالت : إنّ نفرنا غيّب (٤) ، وإنّ سيّد الحىّ سليم ،
__________________
(١) ب : «أم مصاب».
(٢) رواه الشيخان بهذا السند ، بألفاظ مختلفة عنه ، انظر (صحيح مسلم ، باب جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار ٥ : ٤٨) و (صحيح البخارى ، باب ما يعطى فى الرقية على أحياء العرب بفاتحة الكتاب ٢ : ٣٦).
(٣) ب : «عن النعمان» وهو خطأ. وهو أبو النعمان محمد بن الفضل السدوسى. انظر (إرشاد السارى ٤ : ١٤٧).
(٤) قوله : «غيب» ـ بفتح الغين والياء ـ جمع : غائب ، كخادم وخدم ، وللأصيلى وأبى الوقت «غيب» ـ بضم الغين وتشديد الياء ، كراكع وركع ـ انظر (إرشاد السارى ـ شرح القسطلانى ٧ : ٤٦٠).