اختلفوا ، فآمن به بعضهم ، وكفر آخرون فقالوا : لست الّذى وعدنا به ، كقوله تعالى : (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ)(١).
وقوله : (بَغْياً بَيْنَهُمْ).
«البغى» : طلب الاستعلاء بالظّلم (٢).
أخبر الله تعالى عن علّة اختلافهم فقال : فعلوا ذلك طلبا للرّئاسة ، وحسدا (٣) له على النّبوّة.
وقوله : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ.)
هذا شرط (٤) وجوابه يتضمّن وعيدا لليهود الّذين كفروا بمحمّد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
وذكرنا معنى (سَرِيعُ الْحِسابِ) فى سورة البقرة (٥).
٢٠ ـ قوله : (فَإِنْ حَاجُّوكَ)
: أى جادلوك وخاصموك ، يعنى اليهود والنّصارى.
(فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ)
قال الفرّاء : أخلصت عملى لله. قال : ومعنى «الوجه» هاهنا : العمل ؛ (٦) وقد تقدّم (٧) فى هذا عند قوله : (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ)(٨).
وقوله : (وَمَنِ اتَّبَعَنِ) يريد : المهاجرين والأنصار (وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) يعنى اليهود (وَالْأُمِّيِّينَ) يعنى : العرب (أَأَسْلَمْتُمْ).
قال الفرّاء والزّجّاج : (٩) معناه الأمر ؛ أى أسلموا ، ومثله قوله : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)(١٠) : أى انتهوا.
__________________
(١) سورة البقرة : ٨٩. انظر معناها فيما تقدم فى الجزء الأول صفحة (١٥١) من كتاب (الوسيط فى التفسير للواحدى).
(٢) ب : «بالتظلم»
(٣) أ : «وحسدا به» ، وفى ج : «وحسدا لهم» والمثبت عن ب.
(٤) ب ، ج : «شرط وجواب» والمثبت عن أ.
(٥) انظر معناها فيما مضى فى الجزء الأول صفحة (٣٠) وحاشية رقم (٣) من كتاب (الوسيط فى التفسير للواحدى).
(٦) (معانى القرآن للفراء ١ : ٢٠٢) وانظر (تفسير القرطبى ٤ : ٤٥).
(٧) ب : «وتقدم» والمثبت عن أ ، ج.
(٨) سورة البقرة : ١١٢ ، وانظر معناها فى الجزء الأول ، صفحة (١٧٦) من (الوسيط للواحدى).
(٩) (معانى القرآن للفراء ١ : ٢٠٢) و (معانى القرآن للزجاج ١ : ٣٩٢) «ثم قال الزجاج : «وحقيقة هذا الكلام : أنه لفظ استفهام معناه : التوقيف والتهديد ..».
(١٠) سورة المائدة : ٩١. قال ابن الأنبارى : بين تحريم الخمر فى قوله تعالى : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) إذا كان معناه : فانتهوا. قال الفراء : ردد على أعرابى : هل أنت ساكت ، هل أنت ساكت ، وهو يريد : اسكت اسكت» : (تفسير الوسيط للواحدى ، الورقة ١٠١ / ظ).