(فَإِنْ أَسْلَمُوا) : أى انقادوا للقرآن ، وصدّقوا بما جئت به ؛ (فَقَدِ اهْتَدَوْا) : صاروا مهتدين ، (وَإِنْ تَوَلَّوْا) : أعرضوا عنك (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ) : أى فليس عليك إلّا أن تبلّغ الرّسالة (وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ).
قال ابن عباس : يريد بمن آمن بك وصدّقك ، ومن كفر بك وكذّبك.
٢١ ـ قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍ). تقدم تفسيره فى سورة البقرة (١).
وقوله : (وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ).
روى أبو عبيدة بن الجرّاح : (٢) أنّ النبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيّا من أوّل النّهار فى ساعة واحدة فقام مائة واثنا عشر رجلا من عبّاد بنى إسرائيل ، فأمروا من قتلهم بالمعروف ، ونهوهم عن المنكر ، فقتلوا جميعا من آخر النّهار ، فهم الّذين ذكرهم الله عزوجل فى كتابه» وأنزل الآية فيهم ، وأخبر ببطلان أعمالهم.
٢٢ ـ فقال : (أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ)(٣).
يريد ب (أَعْمالُهُمْ) : ما هم عليه من ادّعائهم التّمسّك بالتّوراة ، وإقامة شريعة موسى ؛ وأراد ببطلانها فى الدّنيا : أنّها لم تحقن دماءهم وأموالهم وفى الآخرة : لم يستحقّوا بها مثوبة ، فصارت كأنّها لم تكن.
٢٣ ـ قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ).
يعنى : علماء اليهود (٤) من قريظة والنّضير أعطوا حظّا من التّوراة ؛ لأنّهم كانوا يعلمون بعضها.
__________________
(١) انظر معناها فى الجزء الأول صفحة (١١٩) من (الوسيط للواحدى).
(٢) أخرجه ابن جرير ، وابن أبى حاتم عن أبى عبيدة بن الجراح بلفظ : «فقام مائة رجل وسبعون رجلا» مكان «فقام مائة واثنا عشر رجلا» : (الدر المنثور ٢ : ١٦٨ ـ ١٦٩) وذكره القرطبى فى (تفسيره ـ ٤ : ٤٦) وأبو حيان فى (البحر المحيط ٢ : ٤١٤) بلفظ المصنف.
(٣) تمام الآية : (وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ).
(٤) حاشية ج : «وذلك أنهم أنكروا آية الرجم من التوراة ، وسألوا النبى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عن المحصنين إذا زنيا ، فحكم عليهم بالرجم ، فقالوا : جرت يا محمد ، فقال عليهالسلام : «بينى وبينكم التوراة» ، ثم أتوا بابن صوريا ، فقرأ التوراة ، فلما أتى على آية الرجم سترها بكفه ، فقام ابن سلام فرفع كفه عنها ، وقرأها على رسول الله وعلى اليهود ، فغضبت اليهود غضبا شديدا ؛ فأنزل الله هذه الآية ـ مصنف».
وجاء سبب آخر فى نزول الآية ، أخرجه الواحدى عن ابن عباس ، فارجع إليه فى (أسباب النزول للواحدى ٩٣) و (الدر المنثور ٢ : ١٧٠) و (سيرة ابن هشام ٢ : ٢١٠) و (تفسير الطبرى ٣ : ٢١٧ ـ ٢١٨) و (تفسير القرطبى ٤ : ٥٠).