(وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ).
قال الزّجّاج : (١) بغير تقتير ولا تضييق.
يقال : فلان ينفق بغير حساب ؛ إذا كان يوسّع فى النّفقة ، فكأنّه لا يحسب ما ينفقه.
٢٨ ـ قوله : (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ).
نزلت هذه الآية فى قوم من المؤمنين كانوا ((٢) يباطنون (٢)) اليهود ويوالونهم.
نهى الله سبحانه المؤمنين أن يلاطفوا الكفّار ويوالوهم.
ثمّ ((٣) أوعد (٣)) على ذلك فقال : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ)
: أى اتّخاذ الأولياء من الكفّار (فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ)
: أى من دين الله تعالى. والمعنى : أنّه قد برىء منه ، وفارق دينه.
ثمّ استثنى فقال : (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً)
يقال : تقيته تقاة وتقى وتقيّة.
وهذا فى المؤمن إذا كان فى قوم كفّار ليس فيهم غيره ، ((٤) وخافهم (٤)) على نفسه وماله ، فله أن يداريهم (٥) باللّسان ، وقلبه مطمئنّ بالإيمان ؛ دفعا عن نفسه.
قال ابن عبّاس : يريد مداراة ظاهرة (٦).
(وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) : أى يخوّفكم الله على موالاة الكفّار عذاب نفسه.
وقال الزّجّاج : معنى (نَفْسَهُ) : إيّاه ، كأنّه قال : ويحذّركم الله إيّاه (٧).
(وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) : أى إليه يرجع الخلق كلّهم بعد الموت.
__________________
(١) (معانى القرآن للزجاج ١ : ٣٩٨) وقريب منه فى (تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ١٠٣) و (تفسير القرطبى ٤ : ٥٧).
(٢ ـ ٢) أ ، ب : «يلاطفون» وما أثبت عن ج ، وموافق لما فى (أسباب النزول للواحدى ٩٦) وانظر فيه السبب مطولا عن ابن عباس ، وكذا (الدر المنثور ٢ : ١٦) و (تفسير الطبرى ٣ : ٢٢٨).
(٣ ـ ٣) أ : «أوعده» ، ب : «أوعدهم» والمثبت عن ج.
(٤ ـ ٤) أ : «وخاف» والمثبت عن ب ، ج ، وقول المصنف كما فى (الوجيز للواحدى ١ : ٩٤).
(٥) فى (الوجيز للواحدى ١ : ٩٤): «فله أن يخالفهم ويداريهم» ، وبنحوه فى (تفسير القرطبى ٤ : ٥٧) و (الدر المنثور ١ : ١٦).
(٦) قال ابن عباس : التقاة : التكلم باللسان ، والقلب مطمئن بالإيمان ، ولا يبسط يده فيقتل ، ولا إلى إثم ، فإنه لا عذر له : (الدر المنثور ٢ : ١٦) و (تفسير القرطبى ٤ : ٥٧) ، وراجع أحكام التقية فى (تفسير الفخر الرازى ٢ : ٤٥٠ ـ ٤٥١).
(٧) (معانى القرآن للزجاج ١ : ٣٩٩) و (تفسير القرطبى ٤ : ٥٨).