قال ابن عبّاس : ولم يكن يحرّر فى ذلك الوقت (١) إلّا الغلمان ، فحرّرت ما فى بطنها قبل أن تعلم ما هو حتّى وضعت ، فلمّا وضعت إذا هى جارية ف (قالَتِ) عند ذلك (رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى) : اعتذرت إلى الله حيث فعلت ما لا يجوز من تحرير الأنثى للكنيسة (٢).
وقوله : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ)
هذا من كلام الله لا من كلام حنّة ، ولو كان من كلامها لكان وأنت أعلم بما وضعت ؛ لأنّها تخاطب الله تعالى.
ومن ضمّ التّاء جعل / هذا من كلام أمّ مريم ، قالت : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ)(٣) بعد قولها : (رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى).
وقوله : (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى)
: أى فى خدمة الكنيسة والعبّاد (٤) الّذين [هم] فيها ؛ لما يلحق الأنثى من الحيض والنّفاس.
([وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ] وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ)
: أى أمنعها وأجيرها بك (وَذُرِّيَّتَها) يعنى عيسى (مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) : المطرود المرمىّ بالشّهب (٥).
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الشيرازىّ ، حدّثنا أبو الفضل محمد بن عبد الله بن خميرويه الهروىّ ، أخبرنا علىّ بن محمد الخزاعىّ ، حدّثنا أبو اليمان ، أخبرنى شعيب ، عن الزّهرىّ ، قال : حدّثنى سعيد بن المسيّب قال : قال أبو هريرة :
سمعت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقول : «ما من بنى آدم من مولود
__________________
(١) أ : «الزمان».
(٢) انظر (الدر المنثور ٢ : ١٨) و (تفسير القرطبى ٤ : ٦٧).
(٣) قرأ ابن عامر وأبو بكر ويعقوب : [(بِما وَضَعَتْ)] بضم التاء وتسكين العين ؛ للتكلم من كلام أمّ مريم ؛ وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وحمزة والكسائى : (بِما وَضَعَتْ) بفتح العين وتسكين التاء ، من كلام البارى تعالى ، وقرأ بها حفص : (كتاب السبعة فى القراءات ٢٠٤) وانظر توجيه القراءتين فى (معانى القرآن للفراء ١ : ٣٠٧) و (البحر المحيط ٢ : ٤٣٩) و (تفسير القرطبى ٤ : ٦٧) و (تفسير الطبرى ٣ : ٢٣٧).
(٤) ب : «والعبادة» وما بين الحاصرتين فيما بعد إضافة للبيان.
(٥) حاشية ج : «جمع : الشّهاب». روى الأزهرى عن ابن السكيت : الشهاب : العود الذى فيه نار : (اللسان ـ مادة : شهب).