لمّا ضمّ زكريّا (١) مريم إلى نفسه بنى لها محرابا (٢) فى المسجد لا يرقى إليها (٣) إلّا بسلّم ، ولا يصعد إليها غيره.
قال الأصمعىّ : (الْمِحْرابَ)(٤) : الغرفة. قال [وضّاح اليمن] : (٥)
ربّة محراب إذا جئتها |
|
لم أدن حتّى أرتقى سلّما |
: أى ربّة غرفة.
قال ابن عبّاس : صارت عنده لها غرفة تصعد إليها تصلّى فيها اللّيل والنّهار.
وقوله : (وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً)
كان زكريّا كلّما دخل عليها غرفتها وجد عندها فاكهة الشّتاء فى الصّيف ، وفاكهة الصّيف فى الشّتاء ، تأتيها بها الملائكة من الجنّة.
(قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا؟) : (٦) من أين لك هذا؟
(قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ)
فقال زكريّا : فإنّ (٧) الله الذى رزقك العنب فى غير حينه قادر على أن يرزقنى من العقيم الولد ، فدعا زكريّا أن يهب الله له ولدا ، فذلك قوله :
٣٨ ـ (هُنالِكَ) : أى عند ذلك (دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ) : أى من عندك (ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً) : نسلا مباركا تقيّا. (إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ)
__________________
(١) ج : «زكرياء» بالمد فى النص القرآنى وغيره ـ والمثبت ـ عن أ ، ب.
(٢) حاشية ج : «المحراب : هو الغرفة» وانظر (تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ١٠٤) و (تفسير القرطبى ٤ : ٧١).
(٣) ج : «لا يرقى إليه» والمثبت أ ، ب.
(٤) حاشية ج : «والمحراب : أشرف المجالس ومقدمها ، ولذلك هو من المسجد» ، وانظر (مجاز القرآن لأبى عبيدة ١ : ٩١) و (تفسير الطبرى ٦ : ٣٥٧) و (معانى القرآن للنحاس ١ : ٣٨٨).
(٥) فى الأصول : «عمر بن أبى ربيعة» ، وما بين الحاصرتين تصويب عن (اللسان ، والجمهرة ـ مادة : حرب) ، و (تفسير القرطبى ٤ : ٧١) و (كتاب الأغانى ٦ : ٢٣٧) ، وجاء عجزه برواية :
لم ألقها أو أرتقى سلما
وهو من قصيدة لوضاح اليمن أولها :
يا ابنة الواحد جودى فما |
|
إن تصرمينى فبما أولما |
وأنشده الزجاج فى (تهذيب اللغة ـ مادة : حرب ١ / ٢١٩) و (معانى القرآن للزجاج ١ : ٤٠٦).
(٦) حاشية ج : «يعنى هذه الفاكهة ؛ أى من أى جهة لك؟ لأن «أَنَّى» للسؤال عن الجهة ، و «أين» للسؤال عن المكان».
(٧) ح : «فإن الذى» والمثبت عن أ ، ب ، و (معانى القرآن للزجاج ١ : ٤١٧).