قال ابن عبّاس : كان زكريّا يوم بشّر بالولد ابن عشرين ومائة سنة ، وكانت امرأته بنت ثمان وتسعين سنة (١).
قوله : (وَامْرَأَتِي عاقِرٌ) : أى ذات عقر لا تلد (٢) ((٣) (قالَ) له (٣)) (كَذلِكَ)
: أى مثل ذلك من الأمر ، وهو هبة الولد على الكبر (اللهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ) فسبحان من لا يعجزه شىء.
فسأل الله ((٤) علامة يعرف (٤)) بها وقت حمل امرأته ؛ ليزيد فى العبادة شكرا لله تعالى على هبة الولد ، وهو قوله تعالى :
٤١ ـ (قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً)
قال المفسّرون : إنّ زكريّا لمّا بشّر بالولد سأل الله تعالى علامة يعرف بها وقت حمل امرأته ؛ ليزيد فى العبادة ؛ شكرا لله تعالى على هبة الولد ، ف (قالَ) الله تعالى : (آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً)
: أى علامة ذلك أن يمسك لسانك عن الكلام ، وأنت صحيح سوىّ ، كما قال : (آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا)(٥).
قال الحسن وقتادة : أمسك لسانه ثلاثة أيّام ، فلم يقدر أن يكلّم النّاس إلّا إيماء ، وجعل ذلك علامة حمل امرأته (٦).
و «الرّمز» : الإيماء بالشّفتين والحاجبين والعينين (٧). يقال : رمز يرمز ويرمز.
وإنّما حبس لسانه عن التّكلّم بأمور الدّنيا ، وما يدور بين النّاس ، ولم يحبس لسانه عن التّسبيح ، وذكر الله ، وهو قوله :
(وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ)
__________________
(١) كما فى (تفسير القرطبى ٤ : ٧٩) و (البحر المحيط ٢ : ٤٤٩).
(٢) : أى بلغت سن من لا تلد (البحر المحيط ٢ : ٤٤٩) أو التى لا تلد : (مجاز القرآن لأبى عبيدة ١ : ٩٢) وانظر (اللسان ، والصحاح ـ مادة : عقر).
(٣ ـ ٣) أ : «قيل له» وهو خطأ.
(٤ ـ ٤) أ : «العلامة التى يعرف».
(٥) سورة مريم : ١٠.
(٦) انظر (تفسير القرطبى ٤ : ٨١) و (الدر المنثور ٢ : ١٩٢) و (البحر المحيط ٢ : ٤٥٢).
(٧) على ما فى (معانى القرآن للفراء ١ : ٢١٣) و (اللسان ، والتاج ـ مادة : رمز) و (تفسير الطبرى ٣ : ٢٦٠) و (معانى القرآن للزجاج ١ : ٤١٣) و (البحر المحيط ٢ : ٤٥٢) و (مفردات الراغب ٢٠٣) و (معانى القرآن للنحاس ١ : ٣٩٧).