٦١ ـ قوله : (فَمَنْ حَاجَّكَ) : أى جادلك وخاصمك (فِيهِ)(١) فى عيسى (فَقُلْ تَعالَوْا) : أى ائتوا وهلمّوا (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ)
قال المفسّرون : لمّا احتجّ الله تعالى على النّصارى من طريق القياس (٢)
بقوله : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى ..)(٣) الآية ؛ أمر النّبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أن يحتجّ عليهم من طريق الإعجاز ، وهو المباهلة.
ومعنى «المباهلة» : الدّعاء على الظّالم من الفريقين.
فلمّا نزلت هذه الآية (٤) دعا رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وفد نجران إلى المباهلة ، وخرج رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ محتضنا الحسين ، آخذا بيد الحسن ، وفاطمة تمشى خلفه ، وعلىّ خلفها ، وهو يقول : «إذا أنا دعوت فأمّنوا»
فقال أسقفّ (٥) نجران : يا معشر النّصارى ، إنّى لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا عن مكانه لأزاله ، فلا تبتهلوا فتهلكوا ، فلا يبقى على وجه الأرض نصرانىّ إلى يوم القيامة ، ثم قبلوا الجزية وانصرفوا. فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «((٦) والّذى نفسى بيده (٦)) : إنّ العذاب قد تدلّى على ((٧) وفد نجران (٧)) ، ولو تلاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ، ولاضطرم (٨) الوادى عليهم نارا ، ولاستأصل الله نجران وأهله حتّى الطّير على الشّجر ، ولما حال الحول على النّصارى حتّى هلكوا».
أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد الزّعفرانىّ ، حدّثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى ، حدّثنا محمد بن إسحاق الثّقفىّ ، حدّثنا قتيبة ، حدّثنا حاتم بن إسماعيل ، حدّثنا
__________________
(١) بقية الآية : (مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) بأن عيسى عبد الله ورسوله : (الوجيز فى التفسير للواحدى ١ : ١٠١).
(٢) حاشية ج : «على خلق آدم».
(٣) سورة آل عمران : ٥٩ ، والآية : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).
(٤) راجع (أسباب النزول للواحدى ٩٨ ـ ٩٩) و (الدر المنثور ٢ : ٣٩) و (تفسير ابن كثير ٢ : ٤٠) و (تفسير القرطبى ٤ : ١٠٤) و (سيرة ابن هشام ١ : ٥٨٣) و (أسباب النزول للسيوطى ٣٨ ـ ٣٩).
(٥) قال الحضرمى : «أسقف نجران ـ بسين مهملة بعد همزة مضمومة ، وقاف مضمومة ، وفاء مشددة ، ووزنه أفعل : وهو رئيس النصارى» (عمدة القوى والضعيف ـ الورقة ٧ / و)
(٦ ـ ٦) الإثبات عن أ.
(٧ ـ ٧) أ ، ب : «أهل نجران»
(٨) (اللسان ـ مادة : ضرم) : الضرم : مصدر ضرم ضرما ، وضرمت النار وتضرمت واضّرمت ، واضطرمت : اشتعلت والتهبت».