٣٧ ـ فإنما هى إقبال وإدبار (١)
فجعلها إقبالا وإدبارا لكثرة وقوعه منها.
قوله تعالى : (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ) (١٩٧).
اختلف القراء فيها.
فمنهم من قرأها كلها بالفتح ومنهم من قرأ ، لا رفث ولا فسوق بالرفع وقرأ ، لا جدال بالفتح. فأما من قرأها كلها بالفتح ، جعل النكرة مبنية مع (لا) كما قدمنا فى قوله تعالى : (لا رَيْبَ فِيهِ) و (لا) مع النكرة فيها كلها فى موضع مبتدأ ، وفى الحج الخبر عنها كلها.
ومن قرأ ، لا رفث ولا فسوق بالرفع ، ولا جدال بالفتح ، لم يبن الفكرة مع لا رفث ولا فسوق لمكان العطف ، ورفعها بالابتداء ، والخبر مقدر وتقديره ، فى الحج. وبنى (لا جدال) على الفتح لأنه أراد أن يفرق بين الرفث والفسوق ، وبين الجدال لأن المراد بقوله : لا رفث ولا فسوق ، لا ترفثوا ولا تفسقوا ، والمراد بقوله : ولا جدال فى الحج أى ، لا شك فى وقت الحج. فعلى هذا يكون قوله : فى الحج خبرا عن قوله : لا جدال فقط دون ما قبله لاختلافهما ، إذ لا يجوز الجمع بين خبرين فى خبر واحد.
و (ما تفعلوا) ، (ما) شرطية فى موضع نصب بتفعلوا. وتفعلوا ، مجزوم (بما). ويعلمه ، مجزوم لأنه جواب الشرط.
__________________
(١) عجز بيت من كلام الخنساء. وهى تماضر بنت عمرو بن الشريد. وصدره :
ترتع ما رتعت حتّى إذا ادّكرت
وهو من شواهد سيبويه ١ : ١٦٩.