الشهر الحرام ، هل يجوز فيه القتال لا عن المسجد الحرام ، فقيل لهم : القتال فيه كبير الإثم ، لكن الصد عن سبيل الله وعن المسجد الحرام والكفر بالله وإخراج أهل المسجد الحرام منه ، أكبر عند الله إثما من القتال فى الشهر الحرام ، وكذلك أيضا قول من قال : إن المسجد الحرام معطوف على الهاء فى (به) من قوله : (وكفر به) غير مرضى أيضا ، لأن العطف على الضمير المجرور لا يجوز ، ولأنه يصير التقدير فيه ، وكفر به وبالمسجد الحرام ، ولا يقال : كفرت بالمسجد ، وإنما يقال : صددت عن المسجد. فدل على أنه معطوف على (سبيل الله) لا على الهاء فى (به).
فإن قيل : فأنتم إذا جعلتم (والمسجد الحرام) معطوفا على (سبيل الله) كان فى صلة المصدر وهو الصد ، فيؤدى إلى الفصل بين (سبيل الله) وبين (لمسجد) بقوله : وكفر به ، لأنه معطوف على المصدر الموصول ، ولا يعطف عليه إلا بعد تمامه.
قلنا : يقدر له ما يتعلق به لتقدم ذكره ، فالتقدير : وصدّوكم عن المسجد الحرام.
قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) (٢١٩).
العفو ، يقرأ بالنصب والرفع.
فمن قرأ بالنصب جعل (ما وذا) كلمة واحدة فى موضع نصب بينفقون فرد العفو إليه ، ونصبه بتقديره ، والتقدير ، قل ينفقون العفو. فكأنه قال : يسألونك أىّ شىء ينفقون ، قل ، ينفقون العفو.
ومن قرأ بالرفع جعل (ما) الاستفهامية مبتدأ ، و (ذا) بمعنى (الذى) خبره ، وينفقون صلته.
ولا يجوز أن تكون (ما) منصوبة به ، لأنه لا يجوز أن تعمل الصلة فيما قبل الموصول ، ولأن الفعل فى الصلة مشغول بالعائد المنصوب وتقديره ، ما الذى ينفقونه ، فجاء الجواب ، العفو. أى ، هو العفو. وإنما وجب أن يكون إعراب العفو مثل إعراب (ما) فى الوجهين جميعا لأنه جواب (ما) فوجب أن يكون إعرابه كإعرابها.