وهو من غرائب التنزيل.
قوله تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ) (٢٤٥).
من ، استفهامية وهى مبتدأ ، وذا ، خبره ، والذى : صفة (ذا) أو بدل منه ، ولا يجوز أن تركب (ذا) مع (من) كما ركبت مع (ما) لأن (ذا) مبهمة و (ما) مبهمة فجاز أن تركب إحداهما مع الأخرى ، وليست (من) كذلك فى الإبهام ، فلم تتركب إحداهما مع الأخرى ، وقرضا ، منصوب لأنه (اسم (١)) أقيم مقام المصدر ، وهو الإقراض فانتصب انتصاب المصدر. وفيضاعفه ، قرئ بالرفع والنصب. فأما الرفع فمن وجهين :
أحدهما : أن يكون معطوفا على صلة (الذى) وهو ، يقرض ، فيكون داخلا فى صلة (الذى).
والثانى : أن يكون منقطعا عمّا قبله. وأما النصب فعلى العطف بالفاء حملا على المعنى دون اللفظ ، كأنه قال : من ذا الذى يكون منه قرض فتضعيف من الله تعالى ، فقدر (أن) بعد الفاء ونصب بها الفعل ، وصيّرها مع الفعل فى تقدير مصدر ليعطف مصدرا على مصدر ، ولا يحسن أن يجعل منصوبا على ظاهر اللفظ فى جواب الاستفهام ، لأن القرض ليس مستفهما عنه ، وإنما الاستفهام عن فاعل القرض ، ألا ترى أنك لو قلت : أزيد يقرضنى فأشكره. لم يجز النصب على جواب الاستفهام بإلفاء وإنما جاز هاهنا حملا على المعنى على ما بينا.
قوله تعالى : (قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ) (٢٤٦).
__________________
(١) زيادة فى ب.