التاريخية وفي المفهوم التاريخي ، ودلّ على شعور المؤرّخين بأنّ التاريخ الإسلامي صفحة من صفحات كثيرة مطوّية تكوّن منها التاريخ العالمي ، وأنّ هذالا يمكن أن يبقى معزولا عن تاريخ الشعوب الأخرى(١).
ولقد ساعدت الدعوة الإسلامية ونشوء الدولة الإسلامية الموحّدة ـ فضلا عن حركات الفتح الإسلامي ـ على توسيع أفق الفرد العربي فكريّاً وحضاريّاً ، ورافق هذه التطوّرات تطوير منهج الكتابة وتوسيع هدفها وفلسفتها ، فلم تبق الكتابة التاريخية الإسلامية محصورة بحدود قصص أيّام العرب وأنسابهم وصولاتهم الحربية وإنّما تجاوزت ذلك ، وقد شهد القرن الأوّل الهجري ظهور عدد من المؤرّخين الروّاد الذين أخذوا على عاتقهم وضع حجر الأساس لكتابة تاريخية عربية على وفق مفهوم متطوّر للتاريخ ومستندة إلى منهج البحث التاريخي(٢).
فكان الخبر التاريخي يستند إلى الحفّاظ الموثوق بهم وهو ما يعرف بالأسانيد أو الإسناد(٣) الذي يعني الاعتماد ، وسند : أي معتمد ، والإسناد في الحديث : رفعه إلى قائله(٤) ، والهدف منه ـ أي الإسناد ـ التوصّل إلى حقيقة الخبرأو صحّته(٥).
فنرى أنّ الطريقة التي اتّبعها الإخباريّون كانت فرعاً من علم الحديث ، إذتأثّروا بطريقة المحدّثين في جمع الرواية التاريخية ونقدها ،
__________________
(١) المنهجية التاريخية في العراق : ١١.
(٢) إسهامات مؤرّخي البصرة في الكتابة التاريخية حتّى القرن الرابع الهجري : ١٧٣.
(٣) العرب والفكر التاريخي : ٨٠.
(٤) مختار الصحاح : ٣١٦.
(٥) ضوابط الرواية عند المحدّثين : ٥٧.