عليه ، ويعذر بعضُهم بعضاً بما اختلفوا فيه ، على ما هو المفهومُ والمستفادُ من جملة تلك المُناظرات الجياد ، فالمُسلمون كلّهم شَرَعٌ سواء في تفيُّؤ ظِلال دوحة الإسلام الوارفة ، لا تتميّزُ في هذا الحقّ المشروع من قِبَلِ الشارع المُقَدّس طائفةٌ عن طائفة ، ما دامَ الجميعُ مُجتمِعينَ ومُجمِعينَ على الاعتقاد بضروريّات الدين الحنيف ، ومُستهدينَ ـ في الجملة ـ بصُوى مَنهجِهِ الرشيدِ المنيف. ولا بأسَ على المُتفائلينَ من أبناء هذه الأمّة الكريمة ـ شيعة وسُنّة ـ أنْ يشيموا (شمس) الإسلام الساطعة يتألّق سنا إشراقها بـ : (ميم) (مُحَمَّد) (صلى الله عليه وآله) وأنْ يكون (شين) الشيعة (وسين) السُنّة مُرتبطينِ بـ : (ميم) (مُحَمَّد) (صلى الله عليه وآله).
كما لا غرابةَ أنْ يُعلنَ بعضُ أعلام الشيعة ومثقّفيهم بأنّهم تشيّعوا تشيُّعاً عِلميّاً بكُتُبِ السيّد شرف الدين ، وفي رأس القائمة منها كتاب المُراجَعات.
وما من شكٍّ في أنّ كلّ منصف ـ من أهل القِبلةِ ـ وإنْ كانَ من غير ينبوع التشيّع مشربُهُ ، وسوى مذهب أئمّة العترة مذهبُهُ ، يرى في هذا الكتاب مُحَيّا الهُدى متألّقَ القَسماتِ واضحَ الدِلالاتَ ، فلايمضي في قراءة فُصُوله إلاّ وقد ازدادَ يَقيناً بِأحقيّةِ مذهب أهل البيت عليهم الصلاةُ والسلامُ ، وأنّ الشيعةَ (في الفروع والأصول على ما كان عليه الأئمّة من آل الرسول).
ومن شواهد ذلك ما رأيناهُ وقرأناهُ من تشيّع العالِمَينِ العَلَمينِ الأَخَوينِ : الشيخ محمّد أمين الأنطاكيّ ، والشيخ أحمد الأنطاكيّ ، وكانا في أوّل الأمر على مذهب الشافعيّ ، ومن أفاضل أعلامه ، ثُمَّ قدّر لهما أن يَطَّلِعا على المُراجَعات بعدَ تردّد وممانعات ، لِما وَقَرَ في نُفُوسهما(١) من كراهة
__________________
(١) العرب لاتكاد تضيف المثنّى إلى المثنّى إلاّ مجموعاً كما في قوله تعالى : (إنْ تَتُوبَا إلى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوْبُكُما).