غُصْناعلى دقائقَ وغوامِضَ تَحُوكُ في صدري منذُ أَمَد بعيد ، وإلاّ فالأمرُ إليك ، وما أنا في ما أرفعهُ بباحث عن عثرة ، أو متتبّع عورة ، ولا بِمُفَنِّد أو مُنَدِّد ، وإنّما أنا نَشّادُ ضالّة ، وبَحّاثٌ عن حقيقة ، فإنْ تبيّنَ الحقُّ ، فإنّ الحقَّ أَحَقُّ أنْ يُتّبَعَ ، وإلاّ فإنّا كَما قال القائلُ :
نحنُ بِما عندَنا وأنْتَ بِما |
|
عِنْدَكَ راض والرأْيُ مُخْتَلِفُ |
وسأقتصرُ ـ إنْ أَذِنْتَ ـ في مُراجعتي إيّاكَ على مَبْحَثَيْنِ :
أحدهما : في إمامة المذهب أصولاً وفُروعاً ، وثانيهما : في الإمامة العامّة ، وهي الخلافة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)(١).
واستجابَ لهُ الإمامُ شرفُ الدين مثلوجَ الصدرِ مُغتَبِطاً واثِقاً بِما سيعودُ على الأمّة من بَرَكاتِ هذهِ المُراجَعاتِ المُنتَظَرَة من فوائد جمّة ومنافعَ كثيرة.
وما أجملَ أَدَبه النَبوِيّ وخلقه العلويّ ؛ إذْ يُجيبُ (شيخَ الإسلام البشريّ) بقوله : «استأذَنْتَ في الكلام ـ ولك الأمرُ والنهيُ ـ فَسَلْ عمّا أردتَ ، وقُلْ ما شِئْتَ ، ولك الفضلُ ، بقولك الفصلِ ، وحكمك العدلِ»(٢).
ثمّ جَريا في مِضْمار ما اتّفقا على الجري فيه ؛ من المباحث الخلافيّة ؛ على ما الْتَزَما به من الشُرُوط ، فالشيخُ يسألُ والسيّدُ يُجيبُ ، وقد يكونُ السُؤالُ مشفوعاً بالاعتراض وإيراد الشُبُهات ـ كما هو الغالب على مواضيع هذه المُراجَعات ـ فيتصدّى السيّدُ إلى الإجابة المُقنعة عن كلّ سُؤال ، ويفنّد الشُبُهات بأُسلُوبه الحكيم ، وما أُوتِيَ من قوّةِ الْعارضةِ ، وشدّة الشَكِيمة ، والأخذبناصية قواعد المُناظرة وسعة التوفّر على التتبّع والتَّنْقير في كتب التَفْسيروالحديث درايةً وروايةً والتواريخ وعلم الكلام وطبقات الرجال ، على النحو الذي لايَدَعُ لقوس الشُبُهات مَنْزَعاً.
__________________
(١) المراجعات : ٥٦.
(٢) المراجعات : ٥٧.