من رواية عالم سُنّي تفنّنَ بِلُغةِ السُباب والشَتْم ، وتمرّسَ باختراعِ الوقائعِ ، ونسبة الفواقِرِ إلى مُخالفه في المذهب.
أمّا ما نَقَلَهُ الإمامُ شرفُ الدين : فهو ـ بزعمهم ـ بُهتانٌ وافتراءٌ!! لا لِسَبَب إلاّلأنّه من رواية عالِم شيعيّ ، التزمَ لُغةَ الموضوعيّة ، والجدال بِالتي هيَ أحسنُ ، معَ الالتزام التامّ بِآدابِ البحثِ والمُناظرةِ.
وكأَنَّ السيّد ـ رضوانُ الله عليه ـ تفرّسَ بِثاقِبِ رأيِهِ وقادِحِ فِطنتِهِ ورُؤْيَتِهِ أنّ هناك مَن سيُشَكِّكُ في حقيقة (المُراجَعات) ويحكمُ عليها بالوضعِ ـ دَفْعاًبالصدر ـ من غيرِ دليل ، وإثارةً للشُبُهاتِ من غير تعليل أصيل ؛ فانبرى لبيانِ عملهِ في هذا الأثَرِ الخالِدِ ، والكشف عن منهجهِ في تنسيقِ فُصُولهِ وتصنيفِ أبوابِهِ ؛ فقالَ في مقدّمته : «وأنا لا أدّعي أنّ هذه الصُحُفَ صحفٌ تقتصرُ على النُصُوص التي تألّفتْ يومئذ بينَنا ، ولا أنّ شيئاً من ألفاظ هذه المُراجَعات خَطّهُ غيرُ قَلَمِي ، فإنّ الحوادث التي أخّرَتْ طبعَها فَرَّقَتْ وضعَها أيضاً ـ كما قُلنا ـ غيرَ أنّ الُمحاكمات في المسائل التي جَرَتْ بينَنا موجودةٌ بينَ هاتينِ الدَفَّتينِ بِحذافِيرِها ، معَ زِيادات اقتَضَتْها الحالُ ، ودعا إليها النُصحُ والإرشادُ ، وربّما جَرَّ إليها السياقُ على نحو لا يُخِلُّ بِما كانَ بينَنا من الاتّفاق»(١).
والكلامُ على أهميّة كتاب (المُراجَعات) وبيان مزاياه وتحليل منهجيّته قديحتاجُ إلى تصنيف كتاب مستقلّ ، لعلّ الله تعالى يمنحُنا العونَ والتوفيقَ والوقتَ الكافي إلى إخراجه في قابل الأيّام.
ومن نافلة القول أن أشيرَ هُنا إلى أنّه قد طُبِعَ عدّة طبعات ، وتُرجِمَ إلى أكثر من لغة ، ومن طبعاته ما جاء بتخريج حسين عليّ الراضي لكنّها مشحونةٌ بالتصحيف والتحريف حتّى أنّي أحصيتُ (٦٥) تحريفاً وتصحيفاً ؛
__________________
(١) المراجعات : ٥٢.