لأنّهم باينوا جميع المذاهب في أصول العقائد وتفرّدوا بها ، وجميع المذاهب قداشتركوا فيها ، والخلف الظاهر بينهم في الإمامة.
فتكون الإمامية الفرقة الناجية وكيف لا؟ وقد ركبوا فلك النجاة الجارية ، وتعلّقوا بأسباب النجوم الثابتة والسارية ، فهم والله أهل المناصب العالية ، وأولو الأمر والمراتب السامية ، وهم غداً في عيشة راضية ، في جنّة عالية ، قطوفها دانية ويقال لهم : (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيْئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيّامِ الخَالِيَة)(١) والصلاة والسلام على الشموس المشرقة والبدور الطالعة في الظلمات الداهية ، محمّد المصطفى وعترته الهادية صلاة دائمة باقية»(٢).
وروى أبو محمّد عليّ بن يونس النباطي البياضي المتوفّى سنة ٨٧٧ هـ في كتابه الصراط المستقيم إلى مستحقّي التقديم :
«روى أهل الإسلام قول النبيّ (صلى الله عليه وآله) : (ستفترق أمّتي على ثلاث وسبعين فرقة ، واحدة ناجية والباقون في النار).
قال النباطي : فهذه شهادة صريحة من النبيّ المختار على وصف أكثرهم بالضلال والبوار ، ولابدّ أن يكون الله ورسوله أوضحا لهم وجوه الضلال ، لئلاّ يكون لهم الحجّة عليهما يوم الحساب والسؤال ، وبهذا يتّضح وجه إمساك عليّ وعترته عن الجهاد ، إذ كيف تقوى فرقة على إضعافها من أهل العناد ، ومن فرّ عن أكثر من إثنين قد عذره القرآن ، فكيف لا يعذر من أمسك عن إضعافه من أهل الطغيان»(٣).
وفيه أيضاً : «وأسند عليّ بن محمّد إلى عليّ عليهالسلام قول النبيّ (صلى الله عليه وآله) :
__________________
(١) سورة الحاقّة ٦٩ : ٢٤.
(٢) تأويل الآيات الظاهرة ١/١٩٠/٣٨ ـ ٣٩.
(٣) الصراط المستقيم٢/٩٦.