الثاني : ما ذكراه من الزيدية(١) أيضاً تشترط النصّ وتكتفي فيه بالخفي ، لم أقف عليه في غير كلامهما بعد التشيّع ، بل صرّح جماعة منهم : الفاضل ابن أبي جمهور في الكتاب المذكور ، بأنّ النصّ لم يشترط أحد من سائر الفرق إلاّ الإمامية ، وإن كان قد حصل الإجماع من الكلّ على أنّه مع حصوله سبب مستقلّ في تعيين الإمام وعمل على هذا(٢).
فالكيسانية أيضاً لا تشترط النصّ مع أنّ صريح كلام الإمامين الأعظمين اشتراطهما بالنصّ بلا ريب ، إنّ نقل هذين الإمامين أضبط وأوضح :
إذا قالت حذام فصدّقوها |
|
فإنّ القول ما قالت حذام(٣). |
__________________
(١) وهو أن يحلّ كلّ من النقول على أنّه مذهب طائفة من الزيدية فإنّهم فرق متعدّدة «منه دام ظلّه».
(٢) انظر كشف البراهين : ٣٢٤ ـ ٣٢٥.
(٣) مجمع الأمثال للميداني ١/ ١٥٦ تحت مثل : أثقل من نضاد ، و ١٨١ تحت مثل : أجبن من المنزوفِ ضَرِطاً. ولهذا البيت مصاديق كثيرة ظاهراً ، نذكر منها هذه الواقعة التي نقلها أبوعبيد البكري في كتابه فصل المقال : ٤٢.
قال ابن كرشم الكلبي : حَذَام هي بنت الريّان بن جسر بن تميم بن يقدم بن عنزة وهي أمّ عجل بن لجيم ، وكان عاطس بن جلاح الحميري قد سار إلى الريّان في جموع من العرب : خثعم وجعفي وهمدان ، فلقيهم الريّان في عشرين حيّاً من أحياء ربيعة ومُضر ، فاقتتلواوصبروا لا يُولّي أحد منهم دُبُره ، ثمّ إنّ القيل الحميري رجع إلى معسكره ، وهرب الريّان تحت ليلته ، فسار ليلته وفي الغد ، ونزل الليلة الثانية ، فلمّا أصبح عاطس الحميري ورأى خلاء معسكرهم أتبعهم جملة من حماة رجاله وأهل الغناء منهم ، فجدّوا في اتّباعهم ، فانتبه القطا في أسرائهم من وقع دوابّهم ، فمرّت على الريّان وأصحابه عرفاً عرفاً ، فخرجت حَذَام بنت الريان إلى قومها فقالت :
ألا يا قومنا ارتحلوا وسيروا |
|
فلو تُرك القطا ليلا لناما |