الفصل الأوّل
في ذكر معتقد الفرقة الإمامية
وهي الفرقة الناجية من فرق الإسلام ، كما بيّناه في الفوائد الفائقة والمنهاج المستقيم ومعارج الكرامة وغيرها.
اعتقادهم أنّ الباري عزّ اسمه واجب الوجود بذاته ، متفرّد في صفاته ، قادر على كلّ مقدور ، مختار في سائر الأمور ، عالم بكلّ معلوم ، سميع بصيرمدرك ، منزّه عن الجسمية والنسبية ، وعن ظلم العباد ، وعن الرضا بما يقع منهم من الفساد ، غنيّ واحد أبديّ سرمديّ ، حكيم لا يفعل قبيحاً ، ولا يُخلّ بواجب ، مريد لما تقتضيه الحكمة ، كاره لما تأباه الحكمة ، من الظلم والكفر والعدوان ، متكلّم بكلام أحدثه بقدرته ، وأنزله على ملائكته وأنبيائه وخاصّته ، وإنّه مقدّس عن شوائب الكثرة والقسمة والمادّة والمسامتة ، منزّه عن الرؤية والجهة ، والحلول والاتّحاد ، وما يدّعيه أهل الضلال والإلحاد.
وإنّ أفعالنا صادرة عنّا بحسب دواعينا وإرادتنا ، وإنّ كلّ قبيح أو فساد أونقص فإنّه منّا ، وربّنا جلّ جلاله منزّه عن أفعالنا الذميمة ، وعمّا نختاره نحن من الاختيارات السقيمة ، لسنا مكرَهين ولا مقهورين ولا مضطرّين ، وإنّه سبحانه خلقنا رحمة لنا وعناية بنا ، وجوداً وتكرّماً علينا ، وإحساناً إلينا ، فمن أحسن فلنفسه ، ومن أساء فعليها وما ربّك بظلاّم للعبيد(١) ، وإنّ التكليف واجب في الحكمة الإلهية لما فيه من التعريض من الثواب ، وإنّ نصب الحجج من الأنبياء والأوصياء واجب عليه سبحانه عقلا ، وإنّهم
__________________
(١) اقتباس من سورة فصّلت ٤١ آية ٤٦.