__________________
ينظروا في الصحيفة قبل أن يأتوا بها ـ فاتوا بصحيفتهم معجبين بها لا يشكّون أنّ رسول الله مدفوعاً إليهم فوضعوها بينهم ، وقالوا : قد آن لكم أن تقبلوا وترجعوا إلى أمر يجمع قومكم فإنّماقطع بيننا وبينكم رجل واحد جعلتموه خطراً لهلكة قومكم وعشيرتكم وفسادهم.
فقال أبو طالب : إنّما أتيتكم لأعطيكم أمراً لكم فيه نصف ، إنّ ابن أخي أخبرني ولم يكذبني : إنّ الله بريء من هذه الصحيفة التي في أيديكم ، ومحا كلّ اسم هو له فيها ، وترك فيها غدركم ، وقطيعتكم إيّانا ، وتظاهركم علينا بالظلم ، فإن كان الحديث الذي قال ابن أخي كما قال فافيقوا ، فوالله لا نسلمه أبداً حتّى يموت من عندنا آخرنا ، وإن كان الذي قال باطلاً دفعناه إليكم فقتلتموه أو استحييتم.
قالوا : قد رضينا بالذي تقول؛ ففتحوا الصحيفة فوجدوا الصادق المصدوق قد أخبرخبرها ، فلمّا رأتها قريش كالذي قال أبو طالب ، قالوا : والله إن كان هذا قطّ إلاّ سحر من صاحبكم ، فارتكسوا وعادوا بشرّ ما كانوا عليه من كفرهم والشدّة على رسول اللهوالقيام على رهطه بما تعاهدوا عليه.
فقال أولئك النفر من بني عبدالمطّلب : إنّ أولى بالكذب والسحر غيرنا ، فكيف ترون فإنّا نعلم إنّ الذي اجتمعتم عليه من قطيعتنا أقرب إلى الجبت والسحر من أمرنا ، ولولاإنّكم اجتمعتم على السحر لم تفسد صحيفتكم وهي في أيديكم طمس ما كان فيها من اسمهوما كان فيها من بغي تركه أفنحن السحرة أم أنتم؟!
فقال عند ذلك النفر من بني عبدمناف وبني قصي ورجال من قريش ولدتهم نساء من بني هاشم منهم أبو البختري والمطعم بن عدي وزهير بن أبي أمية بن المغيرة وزمعة بن الأسود وهشام بن عمرو وكانت الصحيفة عنده وهو من بني عامر ابن لؤي في رجال من أشرافهم ووجوههم : نحن برءاء ممّا في هذه الصحيفة فقال أبو جهل لعنه الله : هذا أمر قضى بليل ، وأنشأ أبو طالب يقول الشعر في شأن صحيفتهم ويمدح النفر الذين تبرّؤا منهاونقضوا ما كان فيها من عهد». انظر : البداية والنهاية ٣/٨٤ ـ ٨٥ ، الخصائص الكبرى١/٢٥١ ، المقتفى من سيرة المصطفى ١/٦٦ ، السيرة لابن إسحاق ٢/١٤٠ ـ ١٤١ ، زاد المعاد ١/٣٠ ، الدرر ١/٥٢ ـ ٥٣ ، الطبقات الكبرى ١/٢٠٩.