الموت لكافر ولا يسأل الله له خيراً ، ثمّ أمر عليّ عليهالسلام خاصّة من بين أولاده الحاضرين بتغسيله وتكفينه ومواراته في قبره دون عقيل وطالب ، ولم يكن من أولاده من قد آمن في تلك الحال إلاّ أمير المؤمنين عليهالسلام ، فأمره بتولّي أمره دون من لم يكن على الإيمان ، ولو كان كافراً لمّا أمر ابنه المؤمن بتولّيه ، لكان الكافر أحقّ به ، مع أنّ الخبر ورد على الاستفاضة بأنّ جبرائيل نزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند موت أبي طالب فقال : (يا محمّد إن ربّك يقرؤك السلام ويقول اخرج من مكّة فقد مات ناصرك)(١).
وهذا يبرهن عن إيمان لتحقّقه بنصر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتقوية أمره ، ويدلّ على ذلك قوله لابنه علي حين رآه يصلّي مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما هذا يابني؟! قال : دين دعاني إليه ابن عمّي» ، فقال له : اتبعه ، فإنّه لا يدعو إلاّ إلى خير(٢).
فاعترف بصدق رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقوله ، وقد مرّ على أمير المؤمنين ثانيةوهو يصلّي عن يمين رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعه جعفر ابنه فقال له : يا بنيّ صل جناح ابن عمّك ، فصلّى جعفر معه ، وتأخّر أمير المؤمنين حتّى صلّى وجعفر خلف رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فجاءت الرواية بأنّهما أوّل جماعة في
__________________
المتناهية ٢/٩٠٤ ، البداية والنهاية ٣/١٢٥ ، تاريخ دمشق ٥٩/٢٥٠ ، أنساب الأشراف : ٢٤.
(١) ينابيع المودّة : ٤٥٥ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٤/٧٠ ، إيمان أبي طالب لفخار : ٣٤١ ، إيمان أبي طالب للمفيد : ٢٤ ، الأربعين للقمي : ٤٢٤ ، أبو طالب : ٢٠٦.
(٢) عيون الأثر ١/١٢٦ ، نهج الإيمان : ١٦٨ ، ذخائر العقبى : ٦٠ ، تاريخ الطبري ١/٥٣٩ ، الاكتفاء بما تضمّنته من سيرة رسول الله ١/٢١١ ، السيرة الحلبية ١/٤٣٦.