فيها قوله : لا مكذّب ، فنفى عنه الكذب فأثبتت صدقه ، وهذا هو الإيمان في اللغة ؛ لأنّه التصديق. ومنها قوله : «ليس بماحل» بمنقول للكذب ؛ وهو مثل الأوّل في دلالته على الإيمان. ومنها قوله : «وأيّده ربّ العباد» الخ. فأثبت إنّ الله ربّ العباد وأثبتنا تأييده لنبيّه وإنّ دينه هو الحقّ ، وهو غير باطل ، وهذا من قوله : (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ)(١) ، وقوله : «يستسقى» الخ. أخبارعن معجزة لم يحضر وقتها وحضرت على يده وهذا غاية تصديقه ، وقوله : «حتّى نصرّع دونه» غاية في بذل الجهد في الجهاد والذبّ عنه.
وفي كتاب نهاية الطلب يرفعه إلى الحسن بن علي بن عبدالله الأزدي(٢) الفقيه ، وساق السند إلى ابن عبّاس والحديث طويل أخذنا موضع الحاجة منه يقول فيه : إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال للعبّاس : «إنّ الله قد أمرني بإظهارأمري وقد أنبأني واستنبأني فما عندك؟ فقال العبّاس : يابن أخي ، تعلم أنّ قريشاً أشدّ الناس حسداً لولد أبيك فإن كانت هذه الخصلة كانت الطامّة الطمّاء ، والداهية الدهياء ، ورمينا عن قوس واحدة فأنسفتمونا نسفاً صلتا ، ولكن قرّب إلى عمّك أبي طالب فإنّه أكبر أعمامك أن لا ينصرك لا يخذلك ولايسلمك فأتيناه ، فلمّا رآهما أبو طالب قال : إنّ لكما لظنّة وخبر ما جاء بكمافي هذا الوقت؟! فأخبره العبّاس بما قال له النبيّ (صلى الله عليه وآله) وما أجابه العبّاس ، فنظر إليه أبو طالب وقال : اخرج فإنّك الرفيع كعباً ، المنيع حزباً ، الأعلى أباً والله لا يسلقك لسان إلاّ سلقته ألسن شداد ، واجتذبته سيوف
__________________
(١) سورة الأنفال ٨ : ٦٢.
(٢) ذكره المزّي في كتابه تهذيب الكمال فيمن يروي عنه عبيد الله بن عمرو بن أبي الوليدالأسدي أبو وهب الرقّي مولى بني أسد ١٩/١٣٧. ولم نعثر له على ترجمة.