وكان أبو جهل تعرّض لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وآذاه بالكلام ، فقالت امرأة من بعض السطوح لحمزة : يا أبا يعلى ، إنّ عمرو بن هشام تعرّض لمحمّد وآذاه فغضب حمزة ومرّ بأبي جهل فأخذ قوسه وضرب بها رأسه ، ثمّ احتمله فجلدبه الأرض فاجتمع الناس وكاد يقع بينهم الشرّ ، فقالوا : يا أبا يعلى ، صبوت إلى دين محمّد؟! فقال : نعم ، أشهد إن لا إله إلا الله وأنّ محمّداً رسول الله ، ثمّ غدا إلى رسول الله ، فقال له : يابن أخي ، أحقٌّ ما تقول فقرأ عليه رسول الله من القرآن فاستبصر حمزة ، فثبت على دين الإسلام ، وفرح رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وسرّأبو طالب بإسلامه ، وقال(١) :
فصبر أبا يعلى على دين أحمد |
|
وكن مظهر الدين وفّقت صابراً |
وحط من أتى بالدين من عند ربّه |
|
بصدق وحقّ(٢) لا تكن حمز كافراً |
فقد سرّني أن قلت إنّك مؤمن |
|
فكن لرسول الله في الله ناصراً |
وناد قريشاً بالذي قد أتيته |
|
جهاراً وقل ما كان أحمد ساحراً» |
أقول : وهذه الأبيات من أوضح الدلائل وأجلّ الشواهد على إيمانه من وجوه :
الأولى : قوله وحط من أتى بالدين من عند ربّه فأقرّ بأنّ النبيّ مرسل من عند الله ؛ وهذا هو الإيمان الصريح.
__________________
٣/١٤١٩ ، مسند أبي عوانة ٤/٢٨٦ ، مسند الطياليسي ١/٤٣ ، صحيح ابن خزيمة ١/٣٨٣ ، مسند البزّاز٥/٢٣٩.
(١) قصص الأنبياء للراوندي : ٣٢١ ـ ٣٢٢ ، بحار الأنوار ١٨/٢١٠ ـ ٢١١ ، إعلام الورى : ٤٨.
(٢) وردت في نصّ نسخة المخطوطة (بحق وصدق) والأصوب ما ذكر في المتن وذكرته المصادر.