لفظ الحديث(١).
أقول : وهذه فضيلة بيّنة لأبي طالب فإنّه كان سبباً لتمكين النبيّ (صلى الله عليه وآله)من أداء رسالة ربّه تعالى وإظهار دينه ، وقد أقرّ بأنّه الصادق المصدّق ، وهو دليل على المدّعي ؛ لأنّ الإيمان هو التصديق ، ومن غريب ما بلغت إليه العصبية من العامّة على أبي طالب حسداً لولده أنّهم زعموا أنّ المراد بقوله تعالى لنبيّه : (إنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ)(٢) أبو طالب(٣)؟!.
__________________
(١) الطرائف ١/٢٩٩ ـ ٣٠٠ ، بحار الأنوار ٣٥/١٤٥ ـ ١٤٦ ، الأربعين للقمّي : ٤٨٨ ـ ٤٩٠.
(٢) سورة القصص ٢٨ : ٥٦.
(٣) تفسير البيضاوي ٤/٢٩٨ ، الدرّ المنثور ٤/٣٠٠ ، لباب النقول ١/١٢٦ ، تفسير الواحدي٢/٨٢٢ ، تفسير النسفي ٣/٢٤١ ، معاني القرآن ٣/٢٦٠ ، تفسير الطبري ١١/٤١ ، تفسير القرطبي ٦/٤٠٦.
وعلق الشيخ الطبرسي قدسسره على تلك الدعاوى بقوله : «قيل : نزل قول (إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) في أبي طالب ، فإنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يحبّ إسلامه ، فنزلت هذه الآية ، وكان يكره إسلام وحشي قاتل حمزة ، فنزل فيه : (ياعِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لاتَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) الآية. فلم يسلم أبو طالب ، وأسلم وحشي. ورووا ذلك ، عن ابن عبّاس ، وغيره.
وفي هذا نظر كما ترى ، فإنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) لا يجوز أن يخالف الله سبحانه في إرادته ، كمالا يجوز أن يخالفه في أوامره ونواهيه ، وإذا كان الله تعالى ـ على ما زعم القوم ـ لم يردإيمان أبي طالب ، وأراد النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) إيمانه ، فقد حصل غاية الخلاف بين إرادتي الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والمرسل ، فكأنه سبحانه يقول على مقتضى اعتقادهم : إنّك يامحمّد تريد إيمانه ، ولا أريد إيمانه ، ولا أخلق فيه الإيمان مع تكفّله بنصرتك ، وبذل مجهوده في إعانتك ، والذبّ عنك ، ومحبّته لك ، ونعمته عليك. وتكره أنت إيمان وحشي لقتله عمّك حمزة ، وأنا أريد إيمانه ، وأخلق في قلبه الإيمان». وفي هذا ما فيه ، مجمع البيان ٧/٤٤٨.