جزء منها ، سيما إذا لاحظنا أنّ كتاب الجامعة كان شاملاً لجميع الأبواب والأحكام الفقهية ؛ فإنّه من المعلوم كون أحكام الإرث من ضمنها ، ولا داعي لاستثنائها وإفرادها وعدم إدراجها في ذلك الكتاب الكبير الذي كان معدّاًلبيان الأحكام الشرعية ، سيما وأنّ ما ورد في وصف كيفية كتابتها وأنّها من إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخطّ الإمام عليّ عليهالسلام بيده ، وهذا ما يولّد الاطمئنان بل اليقين باتحاد الكتابين وعدم تعدّدهما ، وأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) كان قد أعدّ وثيقة ومستنداً واحداً للأحكام لا غير.
وأمّا تسميتها بالصحيفة وكذلك وصف كتاب الجامعة بأنّ طوله يبلغ سبعين ذراعاً ونحو ذلك من التعابير فلا يدلّ على مغايرتها لكتاب الجامعة ؛ لكون الكتاب مكوّن من مجموعة من الصحائف يبلغ مجموعها ذلك المقدار ، وليس المراد أنّه كان قطعة واحدة متصلاً بعضها ببعض ، حيث لا يوجدآنذاك جلد بهذا المقدار من الطول والامتداد ، كما هو واضح.
ومن الجدير بالذكر أنّ لفظ (الفرائض) لا ينحصر تفسيره بالمواريث ، بل هذا هو أحد معانيه ، بل هو أضيقها ، وهو معنى اصطلاحي لدى المتشرّعة ، ومن هنا فقد تكون هذه الصحيفة متضمّنة للأحكام الإلزامية بشكل عامّ والتي منها الإرث ، وربّما تقوّي هذه الإثارة فكرة اتحاد الصحيفة مع كتاب عليّ عليهالسلام.
ومن القرائن المؤيّدة لتفسير الفرائض بالمعنى الواسع هو تسمية الصحيفة التي كتبها عليّ عليهالسلام إلى اُمراء جيشه ورؤساء أجناده ـ والتي كانت تتضمّن أكثرها أحكام الديّات ـ بصحيفة الفرائض.
وممّا يشهد لذلك أيضاً حديث المناهي الذي رواه الشيخ الصدوق ، وهوحديث مفصّل ورد فيه الكثير من الأحكام التي رواها أمير المؤمنين