والوجه الثانى ؛ اليد : القدرة ؛ قوله سبحانه وتعالى فى سورة ص : (قالَ) [١٤٣ / و](ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ)(١) يعنى : بقدرتى. وقيل : اليد : صفة الله تعالى تقال سوى القدرة ، وليس بيد جارحة ولا نعمة (٢).
والوجه الثالث ؛ «اليد يعنى : المثل به فى أمر الجود والبخل (٣)» : قوله تعالى ـ عن اليهود ـ : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا) يعنون : أن تبخل بالعطاء ، قال الله تعالى : (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ)(٤) يعنى : عطاياه جزيلة ، وقال تعالى فى سورة «بنى إسرائيل» : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ)(٥) يقول : لا تمسك من النفقة بمنزلة المغلولة يده ، فلا يستطيع بسطها (٦) ؛ وكقوله تعالى فى سورة المائدة : (لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ)(٧).
والوجه الرابع ؛ اليد : هى الجارحة بعينها ، قوله سبحانه وتعالى فى سورة المائدة ، وسورة النساء : (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ)(٨) ؛ وكقوله تعالى فى سورة الأعراف : (وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ)(٩) مثلها فى سورة الشعراء (١٠) ؛ وكذلك فى سورة ص : (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً)(١١) يريد : اليد بعينها.
* * *
__________________
(١) الآية / ٧٥.
(٢) قال الأشعرى : إن اليد صفة ورد بها الشرع ، والذى يلوح من معنى هذه الصفة أنها قريبة من معنى القدرة إلا أنها أخص. (كليات أبى البقاء : ٣٩١) ، وانظر بيان ذلك فى (تفسير الفخر الرازى ٧ : ٢١١ ـ ٢١٥) و (تفسير القرطبى ١٥ : ٢٢٨) و (مفردات الراغب : ٥٥١).
(٣) ل : «اليد : العطاء» وما أثبت عن ص ، م.
(٤) سورة المائدة / ٦٤.
(٥) الآية / ٢٩ ؛ وتسمى سورة الإسراء.
(٦) «يد مغلولة : عبارة عن إمساكها» (مفردات الراغب : ٥٥٠).
(٧) الآية / ٢٨.
(٨) هذا النص القرآنى فى سورة المائدة / ٦ ؛ والذى فى سورة النساء / ٤٣ قوله تعالى : (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً).
(٩) الآية / ١٠٨.
(١٠) كما فى الآية / ٣٣ ؛ وهو قوله تعالى : (وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ).
(١١) الآية / ٤٤.