وجود معنى (ق ، ت ٢ ، ٢١ ، ٦)
ـ يجب لو كان أحدنا قادرا لنفسه أن يكون حكم القادرين منّا أجمع كذلك ، وهذا يزيل التفاضل بينهم مع علمنا بصحّة ذلك فيهم لأنّ صفات الذوات لا يقع فيها تزايد. وأيضا فكان يجب أن لا ينحصر مقدور أحدنا في الجنس والعدد كما لم ينحصر مقدور القديم جلّ وعزّ في هذين الوجهين لمّا كان قادرا لذاته ، وهذا يوجب جواز الممانعة بيننا وبينه تعالى عن ذلك. فثبت بطلان هذه المقالة (ق ، ت ٢ ، ٢٣ ، ١٥)
ـ قد عرفنا صحّة كون أحدنا قادرا في حال بقائه على وجه تتجدّد له هذه الصفة كما يصحّ أن يكون عليها في حال الحدوث. ويلزم على هذا القول أيضا نحو ما تقدّم لأنّا نقول : كان ينبغي أن لا يقع التفاضل بين القادرين في كثرة المقدور وقلّته لأنّ الجاعل في كلي الحالين قد جعل هذه الجملة قادرة. ولا يمكن أن يجعل انحصار المقدور معلّقا على انحصار الصفة ، لأنّا قد عرفنا أنّ القديم تعالى له بكونه قادرا صفة واحدة ، ومع هذا فليس ينحصر مقدوره ، فيجب أن يكون سبب انحصار مقدورنا استناد هذه الصفة إلى القدرة (ق ، ت ٢ ، ٢٤ ، ٩)
ـ اعلم أنّ في العلماء من حكي عنه في الحيّ أنّه محلّ الحياة ، ويجب على هذه القاعدة أن يقول إنّ القادر هو محلّ القدرة. وليس الغرض بهذا الكلام خلاف ابن أبي بشر ، وإنّما الغرض ما يحكى عن الإسكافي مما يشير إلى ذلك. والذي عندنا أنّ هذه الجملة بكمالها هي القادرة دون كل بعض منها. والدلالة عليه أنّ الطريق إلى إثبات القادر إذا كان إنّما هو صحّة الفعل منه فمعلوم أنّ هذا الحكم يرجع إلى الجملة دون الأجزاء والأبعاض ، فيجب أن يكون المختصّ بهذه الصفة الجملة بكمالها (ق ، ت ٢ ، ٢٦ ، ٣)
ـ إنّ الفعل إنّما يقع من أحدنا لمكان الدواعي ولولاها لم يقع ، فيجب أن يكون القادر من يصحّ اختصاص الدواعي به. وقد عرفنا أنّ الداعي إنّما يرجع إلى الجملة لأنّ المرجع بها إلى العلوم وما يجري مجراها وإنّما تختصّ الجملة بذلك (ق ، ت ٢ ، ٢٦ ، ١٠)
ـ إنّ الطريق الذي به نعلم إثبات القدرة هو الطريق الذي به نعلم تعلّقها بالضدّين. وذلك لأنّا إنّما نثبت القدرة بكون الواحد منّا قادرا ، وكونه قادرا إنّما يثبت بكونه فاعلا ومحدثا. والذي به نعرف أنّه محدث لأفعاله هو وجوب وقوع تصرّفه بحسب أحواله. وقد علم أنّ ذلك ليس بمقصور على فعل دون فعل ، لأنّا ما لم نتصوّر في الواحد منّا أنّه يجوز منه أن يتحرّك يمنة ويسرة ويأتي بأفعال مختلفة ومتضادّة لم نعلمه فاعلا على الحقيقة. فإذا كان ما به يثبت قادرا يقتضي كونه قادرا على الضدّين فينبغي فيما أوجب كونه قادرا أن يطابقه في التعلّق ، وهذا يقتضي أن تكون القدرة متعلّقة بالضدّين. ويجب إذا كان حكم القادرين أجمع فيما ذكرناه سواء أن تتّفق أحوال القدر أيضا فيما بيّنا (ق ، ت ٢ ، ٤٨ ، ٧)
ـ إنّا نعرف العاجز عاجزا ضرورة لا على ما تقولون إنّا نحتاج إلى اعتبار حال القادر أوّلا. وربّما ادّعوا أنّا نعلم القادر قادرا ضرورة. وليس يصحّ عندنا أن نعلم القادر قادرا باضطرار فضلا عن كونه عاجزا الذي يترتّب عليه وفضلا عن أن نعلم ضرورة أنّه إذا لم يكن قادرا فيجب أن يكون عاجزا ، بل طريق ذلك أجمع هو الاستدلال. ألا ترى أن القادر إذا