إيجاد ما يقدر عليه ، فالفعل إنّما يصحّ لكونه قادرا دونهما. ولذلك يجب أن يكون المصحّح للفعل هو كونه قادرا ، دون الدواعي (ق ، غ ٨ ، ٥٣ ، ١٣)
ـ إنّ القادر يفعله لكونه قادرا. كما نقول : إنّ القادر يفعل التأليف ، عند تجاور الجسمين ، ولولاه لما صحّ أن يفعله ، لا لأنّ الذي صحّح وجود الاجتماع هو تجاورهما مع كونه قادرا ، لأنّ تجاورهما لا يوجب له حالا. فكذلك القول في ارتفاع الموانع. وكذلك القول ، في وجود الآلات والأسباب ، إنّه يصل فيهما إلى إيجاد ما يقدر عليه ، فالفعل إنّما يصحّ لكونه قادرا دونهما. ولذلك يجب أن يكون المصحّح للفعل هو كونه قادرا ، دون الدواعي (ق ، غ ٨ ، ٥٣ ، ١٨)
ـ اعلم أنّ القادر من حقّه أن يصحّ منه الفعل ، وأن تنفصل حاله فيما يحدثه من حال الموجبات على بعض الوجوه. لأن حدوث مقدوره على سبيل الإيجاب يخرجه من كونه مقدورا له ، وينقض كونه قادرا عليه ، على ما سنبيّنه في باب الاستطاعة ، وإن كنّا قد ذكرنا من قبل ما يدلّ عليه. لأنّه إذا كان حدوثه من جهته بحسب قصده ، ومعلوم من حاله أنّه كان يجوز أن لا يقصد إليه وتتغيّر دواعيه ، فلا يقع منه ذلك ، بل يقع خلافه. فيجب القضاء بأنّ حدوثه من جهته غير واجب وأنّه مفارق في ذلك الوجوب الصفات عن العلل ، ووجوب المسبّب عن السبب (ق ، غ ٨ ، ٥٩ ، ٤)
ـ إنّ من حق القادر أن يصحّ حدوث مقدوره ، ولا يجب ؛ لكنّا نعلم أنّه وإن كان كذلك ، فقد تقوى دواعيه إلى الفعل ، حتى لا يقع منه خلافه ، وإن كان قادرا عليه. وهذا كالملجإ إلى الهرب من السبع أنّه لا يقع منه الوقوف ، لكنّا نعلم من حاله أن ما يقع منه يقع باختياره ، ولذلك يختار في الهرب سلوك طريق دون غيره (ق ، غ ٨ ، ٥٩ ، ١٢)
ـ من حق القادر أن يصحّ منه الشيء وتركه ، وإن وجب كونه قادرا عليهما. ولهذا يصحّ كونه قادرا على المتولّدات وفاعلا لها ، وإن لم يصحّ منه فعل ضدّها في بعض الأحوال (ق ، غ ٨ ، ٦١ ، ٧)
ـ إنّ القادر إنّما يصحّ منه إحداث الفعل فقط (ق ، غ ٨ ، ٦٤ ، ١٢)
ـ إنّ القادر إنّما يقدر على الشيء على وجه الحدوث فقط (ق ، غ ٨ ، ٦٥ ، ٩)
ـ أمّا صفات الأجناس ، فقد دللنا من قبل على أنّها لا تكون بالفاعل على وجه من الوجوه ، وتقصّينا القول فيه. وقد اعتمد شيخنا أبو هاشم ، رحمهالله ، على ذلك بأن قال : لو جاز أن يقدر القادر على الشيء على غير جهة الأحداث ، لصحّ أن يقدر على ما يستحيل حدوثه. وقد علمنا أنّ ما استحال حدوثه ، يستحيل كونه قادرا عليه ؛ وما صحّ حدوثه ، يصحّ كونه قادرا عليه ؛ وما استحال حدوثه من جهة قادر مخصوص ، يستحيل كونه قادرا عليه ، وإن صحّ من غيره أن يقدر عليه ؛ وما بقي من الأفعال ، يستحيل كونه مقدورا في حال بقائه من حيث استحال حدوثه. وذلك يبيّن أنّ القادر إنّما يقدر على الشيء من جهة الإحداث (ق ، غ ٨ ، ٦٨ ، ١٢)
ـ القادر إنّما يقدر على الصفة التي متى صحّت على الفعل ، صحّ كونه مقدورا ؛ ومتى استحالت ، استحال كونه مقدورا ، وهي الحدوث (ق ، غ ٨ ، ٦٩ ، ١)