ـ إنّ من حقّ القادر أن يصحّ منه فعل مقدوره ، إذا صحّ وجوده ، وكانت الموانع وما يجري مجراها مرتفعة. ودللنا على ذلك بأنّه لو لم يجب ذلك فيه ، لأدّى إلى نقض حقيقة القادر وفساد الطريق المؤدّي إلى معرفته قادرا. لأنّا إنّما نعلمه قادرا لصحّة الفعل منه ، فنعلمه بذلك على صفة لاختصاصه بها يصحّ منه الفعل مع السلامة (ق ، غ ٨ ، ١٠٩ ، ٣)
ـ إنّ كل قادر يجب كون الشيء مقدورا له عند العدم ، يجب كونه مفعولا له عند الوجود. فلا يصحّ ، لو كان المقدور الواحد مقدورا لقادرين ، أن يحصل عند الوجود فعلا لأحدهما دون الآخر. لأنّه لا يخلو القول فيه ، لو لم يكن فعلا لهما جميعا ، من وجهين : إمّا أن يقال : إنّه يجوز وقوعه منهما جميعا ، لو أحدثاه على وجه واحد ؛ أو يقال : إنّه يحدث ، منهما ، على وجهين. ولا يجوز أن يقال بالوجه الثاني ، لأنّا قد دللنا ، في باب قبل هذا ، على استحالة حدوث الشيء من وجهين ؛ فلو صحّ حدوثه ، منهما ، على وجهين ، لوجب ما قدّمناه من صحة كونه موجودا معدوما (ق ، غ ٨ ، ١٠٩ ، ١٦)
ـ قال شيخنا أبو علي ، رحمهالله : لو صحّ كونه مقدورا من قادرين ، لوجب كونه مفعولا متروكا. وهذا لازم على طريقته ، لأنّه يجب متى فعله أحدهما من وجه ، ولم يفعله الآخر ، أن يكون فاعلا لتركه على قوله : إنّ القادر منّا المخلّى لا يخلو من الأخذ والترك. ويجب على طريقتنا أيضا ، أن يجوز من أحدهما أن يتركه في حال كون الآخر فاعلا له ؛ فيؤدّي ذلك إلى وجود الشيء وضدّه. والأولى ، على القولين جميعا ، أن لا يذكر الترك (ق ، غ ٨ ، ١١٠ ، ٩)
ـ القادر منّا لا يصحّ أن يفعل في غير محل قدرته إلّا بسبب (ق ، غ ٨ ، ١٢٨ ، ٢)
ـ إنّ القادر على الجسم هو القادر لنفسه ، فلا يصحّ أن يكون فاعل الأجسام إلّا قديما إلها ، فلذلك وجب على قائل هذا القول أن يكون مثبتا لإله ثان مع الله (ق ، غ ٨ ، ١٤٣ ، ١٧)
ـ إنّ وقوع تصرّفه (زيد) بحسب قصده يدلّ على أنّه قادر عليه (ق ، غ ٨ ، ١٧٨ ، ٢)
ـ من حق القادر على الشيء أن يصحّ منه إيجاده مع زوال الموانع (ق ، غ ٨ ، ١٧٨ ، ١٦)
ـ إنّا لا نقول إنّ من حق القادر على الشيء أن يصحّ منه فعل تركه ، بل نقول إنّ من حق القادر على الشيء أن يصحّ منه ألّا يفعله على بعض الوجوه ، كما يصحّ منه أن يفعله ثم ينظر. فإن كان متى لم يفعله لم يصحّ أن يفعل تركه ، صحّ أن يتركه وإلّا لم يجب ذلك فيه ، وقد ذكر ذلك بعينه شيخانا أبو علي وأبو هاشم رحمهماالله (ق ، غ ٩ ، ٣٩ ، ١٧)
ـ اعلم أنّ القادر على الشيء قد تختلف أحواله ، فمتى كان المقدور مبتدأ وجب كونه قادرا عليه قبله بوقت واحد ليصحّ منه إيجاده ، وإلّا لم يصحّ لأنّ تقدّم القدرة قبله بأوقات يحيل إيجاده إذا انقضى وقته بحال واحدة. فأمّا ما يفعله متولّدا فيجب أن يراعى ، فإن كان مما يضام السبب في الوجود فيجب أن تكون القدرة متقدّمة له بحال واحد لما ذكرناه ، وإن كان يتأخّر عن السبب كالعلم فيجب أن تكون القدرة متقدّمة له بوقتين ، وإن كان مما يقع عن سبب بعد سبب فيجب كونه قادرا عليه في الوقت الذي قدر على السبب الأوّل ، لأنّ سائر ما يوجده بعده يتعلّق بوجوده ، وإنّما كان كذلك