عن دراية ويقين ، وقد نقل الطبري إصرار عقبة في رواية مهمّة جدّاً من الناحية التاريخية ، وهو نصّ يعبّر عن قيمة الشاهد التاريخي وردّه للمنقول من الروايات ، ويبدو أنّه ردّ على ما أشيع من مخاطبات وأقوال الإمام الحسين عليهالسلام التي جاءت خلاف الواقع الذي شاهده وسمعه الراوي ، وقد نقل الطبري نصّ كلامه حيث يقول عقبة ابن سمعان : «وليس من مخاطبته الناس كلمة بالمدينة ولا بمكّة ولا في طريق ولا بالعراق ولا في عسكر إلى يوم مقتله إلاّ وقد سمعتها»(١).
ومن هذا النصّ تتّضح للباحث أهمّية عقبة بن سمعان في بيان الأحداث التي وقعت في مختلف الأمكنة التي ذكرها ، وهو يرفع التشويه والتحريف لمسار الثورة الحسينية التي أشيع عنها الكثير بما يمحو أثرها في نفوس المسلمين ، لقد أنكر عقبة بن سمعان ما تناقلته كتب الأخبار وتناقله الناس آنذاك ومن ثمّ دوّنت عن قصد أو غفلة والتي تذكر : أنّ الإمام الحسين عليهالسلام أراد وضع يده بيد يزيد بن معاوية (٦٠ ـ ٦٣ هـ) وطلب من الجيش المحيط به ذلك ، ولمّا طرقت هذه الأخبار سمع عقبة بن سمعان حلف قائلاً : «والله ما أعطاهم ما يتذاكر الناس وما يزعمون من أن يضع يده في يد يزيد بن معاوية»(٢).
ومن هذا النصّ تبدو أنّ هناك جملة من الإشاعات وتبادل التهم ما بين الكوفة والشام يتبيّن من خلالها أنّ الترويج الحاصل ما هو إلاّ بأمر من السلطة التي تريد التشكيك بقيادة الثورة والتمويه على أنّ الإمام
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ / ٤١٤.
(٢) المصدر السابق ٥ / ٤١٤.