الطبري مروية عن الضحّاك المشرقي أبان فيها الحجّة البالغة على القوم ، قال مخاطباً القوم : «اسمعوا قولي ، ولا تعجلوني حتّى أعظكم بما لحق [للحقّ] لكم عليّ ، وحتّى اعتذر إليكم من مقدمي عليكم ... الخ»(١).
يبدو أنّها الخطبة الأولى قبل القتال ، وفي أثناء هذه الخطبة يصف الضحّاك أنّه هناك بكاء يسمع من المخيّم قد علا وارتفع فأمر الإمام عليهالسلام العبّاسوعليّ الأكبر عليهماالسلام وقال لهما : «أسكتاهنّ ، فلعمري ليكثرنّ بكاؤهنّ .. الخ»(٢).
وفي الرواية ورد ذكر عبد الله بن عبّاس وأنّه كان قد نهى الإمام الحسين عليهالسلام عن حمل العيال والأهل معه ، ويظهر أنّ تذكّره في هذه اللحظة لمقولة ابن عبّاس برواية عقبة ابن سمعان وقد ردّ عليه الإمام الحسين عليهالسلامبقوله : «يا بن عمّ ، إنّي والله لأعلم أنّك ناصح مشفق ، ولكنّي قد أزمعت وأجمعت على المسير»(٣) ، واستمرّ الحوار بقول ابن عبّاس : «فإن كنت سائراً فلاتسر بنسائك وصبيتك»(٤).
قد واصل الإمام الحسين عليهالسلام خطبته بلسان بليغ يحيّر العقول وقد ذكر القوم بنسبه وشرفه وعشيرته وذكّرهم بقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) له ولأخيه : «هذان سيّدا شباب أهل الجنّة» ، ثمّ استدلّ برواة هذا الحديث وذكر عدّة أسماء فقد ورداسم جابر بن عبد الله الأنصاري وأبي سعيد الخدري وسهل ابن سعد الساعدي وزيد بن أرقم وأنس بن مالك ، ثمّ عدّد أسماء ممّن
__________________
(١) المصدر السابق ٥ / ٤٢٤.
(٢) المصدر السابق ٥ / ٤٢٤.
(٣) المصدر السابق ٥ / ٣٨٤.
(٤) المصدر السابق ٥ / ٣٨٤.