الطيّبون ميّزنا منكم ، قال : فعرفته ، فقلت لبرير بن حضير (خضير في رواية المفيد) : تدري من هذا؟ قال : لا ، قلت : هذا أبو حرب السبيعي عبد الله بن شهر ـ وكان مضحاكاً بطّالاً ، وكان شريفاً شجاعاً فاتكاً ، وكان سعيد بن قيس ربّماحبسه في جناية ـ فقال له برير بن حضير : يا فاسق أنت يجعلك الله في الطيّبين! فقال له : من أنت؟ قال : أنا برير بن حضير ، قال : إنّا لله! عزّ عليّ! هلكت والله هلكت والله يا برير! قال : يا أبا حرب ، هل لك أن تتوب إلى الله من ذنوبك العظام! فوالله إنّا لنحن الطيّبون ، ولكنّكم لأنتم الخبيثون ، قال : وأنا على ذلك من الشاهدين ، قلت : ويحك! أفلا ينفعك معرفتك ، قال : جعلت فداك! فمن ينادم يزيد بن عذرة العَنَزي من عنز بن وائل! قال : ها هو ذا معي ، قال : قبّح الله رأيك على كلّ حال! أنت سفيه ، قال : ثمّ انصرف عنّا ، وكان الذي يحرسنا بالليل في الخيل عزرة بن قيس الأحمسي ، وكان على الخيل ، قال : فلمّا صلّى عمر بن سعد الغداة يوم السبت ـ وقد بلغنا أيضاً أنّه كان يوم الجمعة وكان ذلك اليوم يوم عاشوراء ـ خرج فيمن معه من الناس ، قال : وعبّأ الحسين أصحابه ، وصلّى بهم صلاة الغداة ، وكان معه اثنان وثلاثون فارساً وأربعون راجلاً ، فجعل زهير بن القين في ميمنة أصحابه ، وحبيب بن مظاهر في ميسرة أصحابه ، وأعطى رايته العبّاس بن عليّ أخاه ، وجعلوا البيوت في ظهورهم وأمر بحطب وقصب كان من وراء البيوت يحرق بالنار مخافة أن يأتوهم من ورائهم ، قال : وكان الحسين عليهالسلام أتى بقصب وحطب إلى مكان من ورائهم منخفض كأنّه ساقية ، فحفروه في ساعة من الليل فجعلوه كالخندق ، ثم ألقوا فيه ذلك الحطب والقصب ، وقالوا : إذا عدوا علينا فقاتلونا ألقينا فيه النار كيلا نؤتى