من ورائنا ، وقاتلنا القوم من وجه واحد ، ففعلوا ، وكان لهم نافعاً»(١).
خامساً : نصّ الرواية الخامسة وقد ذكرها الشيخ المفيد في كتابه الإرشاد(٢) ، وهي من الروايات الطويلة ، فهي تصف الأحوال قبيل المعركة وبداية التعرّض من قبل شمر بن ذي الجوشن وكان يهيّىء للبداية ، وفيها خطبة مهمّة جدّاً ويبدو أنّها الخطبة الأولى للامام الحسين عليهالسلام قبل بداية المعركة ، والرواية عن الضحّاك : «قال : لمّا أقبلوا نحونا فنظروا إلى النار تضطرم في الحطب والقصب الذي كنّا ألهبنا فيه النار من ورائنا لئلاّ يأتونا من خلفنا ، إذ أقبل إلينا منهم رجل يركض على فرس كامل الأداة ، فلم يكلّمنا حتّى مرّ على أبياتنا ، فنظر إلى أبياتنا فإذا هو لا يرى إلاّ حطباً تلتهب النار فيه فرجع راجعاً ، فنادى بأعلى صوته : يا حسين استعجلت النار في الدنيا قبل يوم القيامة! فقال الحسين : من هذا؟ كأنّه شمر بن ذي الجوشن : فقالوا : نعم أصلحك الله هو هو ، فقال : يا بن راعية المعزى ، أنت أولى بها صليّا ، فقال له مسلم بن عوسجة : يا بن رسول الله جعلت فداك : ألا أرميه بسهم فإنّه قد أمكننيوليس يسقط (منّي) سهم ، فالفاسق من أعظم الجبّارين ، فقال له الحسين : لا ترمه ، فإنّي أكره أن أبدأهم ، وكان مع الحسين فرس له يدعى لاحقاًحمل عليه ابنه عليّ بن الحسين ، قال : فلمّا دنا منه القوم عاد براحلته فركبها ، ثمّ نادى بأعلى صوته دعاءً يسمع جلّ الناس : أيّها الناس اسمعوا قوليولا تعجلوني حتّى أعظكم بما لحق [للحق] لكم عليّ ، وحتّى أعتذر إليكم من مقدمي عليكم ، فإن قبلتم عذري وصدّقتم قولي واعطيتموني النصف كنتم بذلك أسعد ولم يكن لكم عليّ
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ / ٤٢١.
(٢) الإرشاد : ٢٣٣.