سبيل ، وإن لم تقبلوا منّي العذر ولم تعطوا النصف من أنفسكم (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلاَ تُنْظِرُونِ)(١) ، (إِنَّ وَلِيِّي اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ)(٢) ، قال : فلما سمع أخواته كلامه هذاصحن وبكين وبكى بناته فارتفعت أصواتهن فأرسل إليهن أخاه العبّاس بن علي وعلياً ابنه وقال لهما : اسكتاهنّ ، فلعمري ليكثرنّ بكاؤهنّ ، قال : فلمّا ذهبا ليسكتاهنّ قال : لا يبعد ابن عبّاس قال : فظنّنا أنّه إنّما قالها حين سمع بكاؤهنّ لأنّه قد كان نهاه أن يخرج بهنّ ، فلمّا سكتن حمد الله وأثنى عليه ، وذكر الله بما هو أهله ، وصلّى على محمّد صلّى الله عليه وعلى ملائكته وأنبيائه فذكر من ذلك ما الله أعلم وما لا يحصى ذكره ، قال : فوالله ما سمعت متكلّماً قطّ قبله ولا بعده أبلغ في منطق منه ، ثمّ قال : أمّا بعد فانسبوني فانظروا من أنا ، ثمّ ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها فانظرواهل يحلّ لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟ ألست ابن بنت نبيّكم صلّى الله عليه (وآله) وسلّم وابن وصيّه وابن عمّه وأوّل المؤمنين بالله والمصدّق لرسوله بما جاء به من عند ربّه ، أو ليس حمزة سيّد الشهداء عمّ أبي ، أو ليس جعفر الشهيد الطيّار ذو الجناحين عمّي ، أوَلم يبلغكم قول مستفيض فيكم : إنّ رسول الله صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم قال لي ولأخي : «هذان سيّدا شباب أهل الجنّة» ، فإن صدّقتموني بما أقول ـ وهو الحقّ ـ فوالله ما تعمّدت كذباً مذ علمت أنّ الله يمقت عليه أهله ، ويضر به من اختلقه ، وإن كذّبتموني فإنّ فيكم من إن سألتموه عن ذلك أخبركم ، سلوا جابربن عبد الله الأنصاري ، أو أبا سعيد الخدري ، أو
__________________
(١) سورة يونس : ١٠ / ٧١.
(٢) سورة الأعراف : ٧ / ١٩٦.