سادساً : نصّ الرواية السادسة ، وهذه الرواية تصف نجاة الضحّاك ابن عبد الله المشرقي ، وهي تصف أيضاً اللحظات الأخيرة من معركة الطفّ ، وهي بنفس السند السابق ونصّ الرواية هو : «قال : لمّا رأيت أصحاب الحسين قدأصيبوا ، وقد خلص إليه وإلى أهل بيته ، ولم يبق معه غير سويد بن عمرو بن أبي المطاع الخثعمي وبشير بن عمرو الحضرمي قلت له : يا بن رسول الله ، قد علمت ما كان بيني وبينك قلت لك : أقاتل عنك ما رأيت مقاتلاً ، فإذا لم أر مقاتلاً فأنا في حلٍّ من الإنصراف ، فقلت لي : نعم ، قال : فقال : صدقت ، وكيف لك بالنجاء! إن قدرت على ذلك فأنت في حلٍّ ، قال : فأقبلت إلى فرسي وقد كنت حيث رأيت خيل أصحابنا تعقر ، أقبلت بها حتّى أدخلتها فسطاطاً لأصحابنا بين البيوت ، وأقبلت أقاتل معهم راجلاً ، فقتلت يومئذ بين يدي الحسين رجلين وقطعت يد آخر ، وقال لي الحسين يومئذ مراراً : لا تشلل لا يقطع الله يدك ، جزاك الله خيراً عن أهل بيت نبيّك صلّى الله عليه وسلّم ، فلمّا أذن لي استخرجت الفرس من الفسطاط ثمّ استويت على متنها ، ثمّ ضربتها حتّى إذا قامت على السنابك رميت بها عرض القوم ، فافرجوا لي وأتبعني منهم خمسة عشر رجلاً حتّى انتهيت إلى شُفيّة ـ قرية قريبة من شاطئ الفرات ـ فلمّا لحقوني عطفت عليهم فعرفني كثيربن عبد الله الشعبي وأيّوب بن مشرح الخيواني وقيس بن عبد الله الصائدي ، فقالوا : هذا الضحّاك بن عبد الله المشرقي ، هذا ابن عمّنا ، ننشدكم الله لما كففتم عنه ، فقال ثلاثة نفر من بني تميم كانوا معهم : بلى والله لنجيبنّ إخواننا وأهل دعوتنا إلى ما أحبّوا من الكفّ عن صاحبهم ، قال : فلمّا تابع التميميّون أصحابي كفّ الآخرون ، قال : فنجّاني الله»(١).
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ / ٤٤٤.