[سورة آل عمران]
قال الله سبحانه : (يا مَرْيَمُ) [آل عمران : ٤٣].
قوله عزوجل : (يا مَرْيَمُ) [الآية : ٤٣] ؛ إشارة إلى أن النفس المطمئنة ، الصدّيقة ، الراضية ، المرضية ، الفانية ، الباقية ؛ ولذا من رأى في المنام مريم ابنة عمران ؛ دلّ على أن نفسه تلبّست بلباس الصدّيقية التي هو بمنزلة الشعار بعد التلبّس بلباس الصلاح الذي هو بمنزلة الدّثار.
فالأول : لباس الحقيقة.
والثاني : لباس الشريعة.
وكل من له اللباس الأول ؛ فله اللباس الثاني ؛ لأن كل حقيقة ردّتها الشريعة ؛ فهي ردّ بدون العكس : أي ليس كل من له اللباس الثاني متلبّسا بالأول بالفعل ؛ لوجود الحجاب ، وإمّا بالقوة ففي كل ذرة ما في الكل ؛ لأن الأسماء الإلهية يشتمل بعضها بعضا ، وإن لم يكن حكمه ظاهرا بالفعل.
قوله عزوجل : (اقْنُتِي لِرَبِّكِ) [الآية : ٤٣].
أراد بالقنوت : دوام الطاعة تطبيقا للاسم المسمّى ؛ لأن مريم بمعنى العابدة ، والأسماء والكنى تنزل من صوب السماء ، فلها تأثيرات في المسمّى ؛ ولذا نهى عن الأسماء التي يتطيّر بها ، وتدلّ على المعاني الخسيسة ؛ كالحقير ، والمضطجع ، والكليب ، والمفتون ، ونحو ذلك.
__________________
ـ وهذا سرّ ابتداء القرآن بالباء بل ابتداء كل سورة بالبسملة ، فافهم.
فالباء ملكوتيّة ، والنقطة جبروتيّة ، والحركة شهاديّة ، وأمّا الألف المضمرة في بسم الله فهي إشارة إلى الحقيقة القائمة بالكل ، واحتجب رحمه منها بالنقطة التي تحت الباء ثم وجدنا الألف المحذوفة في : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) [العلق : ١] قد ظهرت ، ولو لم تظهر ما علم المثل حقيقته ولا رأى صورته وسؤدته ؛ وذلك لأنه تعالى أمر بتنزيه المجلى بتجلّي المثل فقيل له : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى)[الأعلى : ١] الذي هو مغذّيك من المواد الإلهية ، فهو ربك ولا طاقة لها على ذلك إلا بالباء.
فلا بد له من امتثال الأمر ، فلا بد له من ظهور الألف التي هو الفاعل القديم فيتيقّظ عن سنة الغفلة ،؟؟؟ لب المعارف فيه.
وافهم فإني أدرجت لك إن كنت؟؟؟