وقوانين العدل ودساتير الحكم عن مقرّرات العقيدة وشعائر العبادة! وهى أخبث الدعوات وأفسقها فيما نعلم!.
ولئن صحّ أن يقال هذا في أديان قاصرة عن الوفاء بحاجات الإنسانية في مناحى الإصلاح البشرى ، فما كان يصحّ أن يقال هذا في دين الإسلام بحال من الأحوال ، لأنه دين عقيدة وعمل ، وعبادة وقيادة ، وعلم وخلق ، وحكم وعدل ، ورحمة وحق ، ومصحف ، وسيف ، ودنيا وآخرة! ومن كان في ريب فليسأل التاريخ عن جليل الآثار التى تركها الحكم الإسلامى الصالح في أتباعه ومن انضوى تحت لوائهم من الأقليات الأجنبية ، على اختلاف أديانهم ومذاهبهم الطائفية.
بل ليسألوا العالم وأحداثه ، والدهر وتصاريفه : أىّ الحكمين كان أنجح في تربية الأفراد ، وأنجع في إصلاحات الجماعات ، وأهدى سبيلا في الاعتدال والاستدلال؟ أحكم السماء أم حكم الأرض؟ وقانون الخالق أم قوانين الخلق؟ وتشريع العليم الحكيم المنزه عن الغرض والهوى ، أم تشاريع الإنسان القاصر النظر والاطلاع ، المتأثر بطغيان الغرائز وجموح القوى؟ (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ ، وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ ، وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ. فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ. وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ* أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ؟ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ؟) وإن لم يكفهم هذا فليسألوا المنصفين من مشاهير الغرب ، كغوستاف لوبون الفرنسى ، وبرناردشو الإنجليزى ، وأمثالهما من الذين درسوا الإسلام وبحثوه ، ثم حكموا له وأنصفوه ، وأطروه وامتدحوه. «والفضل ما شهدت به الأعداء»!.