ولنمسك القلم عن الجولان في هذا الميدان ، فالكلمة هنا للتصدير والتنوير ، لا للمقارنة والتنظير. وحسبنا أن نردّد قول الشاعر العربى :
«ملكنا فكان العفو منّا سجيّة |
|
فلمّا ملكتم سال بالدم أبطح» |
«فحسبكمو هذا التفاوت بيننا |
|
وكلّ إناء بالذى فيه ينضح» |
خامسها : أن أنفخ الروح من بوق هذا الكتاب في الكرام القارئين ، لا سيما طلابى الأعزاء الذين هم على وشك النزول إلى ميادين الدعوة والإرشاد ، فأوقظ همما أخاف أن تكون قد نامت ، وأحيى عزائم معاذ الله أن تكون قد ماتت. والروح هى كل شىء! هى القوة الدافعة ، وهى الحياة الرائعة! والروح الصحيحة لا توجد إلا في القرآن ، بل الروح الصحيحة هى القرآن! (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا)! إن الإسلام لا يريد من المسلم ولا يرضى له أن يكون هيكلا جامدا ، ولا أن يكون تمثالا هامدا ، فإن الإسلام عدوّ الهياكل والجمود ، خصيم التماثيل والهمود إنما يريد الإسلام أن يكون المسلم روحا يبعث الروح ، وحياة يملأ الدنيا حياة ، ورسولا من رسل السلام والرحمة والنجاة! أجل. ويريد الإسلام أن يكون أهل العلم من أتباعه أصحاب همم علية ، ونفوس أبية ، لا يشترون بعهد الله ثمنا قليلا ، ولا يريدون بعلمهم عرض هذا الأدنى. إنما همهم وراثة الأنبياء في إصلاح العالم ؛ وتبليغ دعوة الإسلام على وجهها لطبقات الخلق ، وتنفيذ أحكام الله في الأقضية وسائر شئون الحكم.
(فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)! وهنا في هذه الآية الحكيمة تتجلى رسالة العالم والطالب. ويا لها رسالة! ثم يا لها أمانة! نسأل الله السلامة والإعانة.